الأحد، 11 مايو 2014

السحر...في العلاقات الانسانية

في العلاقات الانسانية الصادقة هناك دوما شيء سحري...والا فما الذي يجعل الانسان هذا الكائن المتمركز حول ذاته يصرف اهتمامه الى ذات اخرى مستقلة في وجودها عنه؟ اي سحر هذا الذي يجعل الام في نموذجها التقليدي  تتفانى طوال الوقت في اطعام من حولها في تعبير يومي صامت عن حب لامشروط؟ انه السحر نفسه الذي يجعل الاب يقدم لابنائه مبتسما نقودا تعب في جنيها وهو يردد لنفسه: يجب الا يحرموا من شيء كي يحظوا بحياة هانئة..السحر نفسه الذي يجعل الاخ الاكبر يحمي الاخ الاصغر بجسده عند ادنى خطر..سحر تنطق به اللحظة التي يسري فيها الفرح غامرا كطاقة تشع من جسد شخص عرف لتوه بنجاح صديق او قريب في انجاز امر مهم..سحر يجمع بين رجل وامرأة ينسى كل منهما تاريخه الخاص..و يصبح تلميذا نجيبا يذاكر بحماس ما يحبه الاخر، ما يكرهه، ما يريده وما يحتاجه..ولا يتصور مستقبله الخاص الا والآخر ومشاريع الآخر جزء منه..سحر يجعل الافراح والاحزان تخترق حدود الجدران الفاصلة بين بيوت الجيران..و تجمع بين الجميع غير عابئة بالعلم او الجهل..بالفقر او الغنى..
في العلاقات الانسانية الصادقة هناك دوما شيء سحري..
انه سحر اشبه بهبة..هبة تأتينا بشكل  غير متوقع..لا يمكنك ان تنظر الى جار يستقر الى جوارك لاول مرة فتقول له: سنتشارك هذا الحي للعشرين سنة القادمة وسنكون اسرة واحدة..او ان تخاطب شخصا تلتقيه لأول مرة فتقول: سنكون صديقين حميمين لما تبقى لنا من عمر..لكن عندما يفعل السحر فعله فجأة تشعر بالرضا..هذا ما كنت تبحث عنه..ما كنت تحتاج اليه..
هذه الهبة بكل سحرها وكرمها لا تطلب منك شيئا غير الحفاظ عليها..غير تغذيتها بالرعاية والاهتمام..
فالانانية...اللامبالاة..استغلال الاخرين كما لو كانوا وسيلة..الظلم..تركيبة تكفي لكي تطفئ جذوة السحر في اي علاقة انسانية و تحول الانسان من الاهتمام بالاخر الى اللامبالاة التامة ازاءه، من تقديره الى احتقاره، من محبة لا مشروطة الى كراهية يغذيها غضب لا حدود له...
في العلاقات الانسانية -مهما بلغ من سحرها في البداية- هناك دوما شيء صادق..يحب الانسان عندما يحب بصدق... ويكره عندما يكره بصدق ايضا..و عندما لا يعود للشخص في حياته من وجود فهو بالفعل لا يكترث بصدق...تتكرر عبارات الاعتذار الباردة كما لو كانت صدى قادما من بعيد..بالكاد تصل الى مسامعه..فكيف بها تبلغ روحه...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق