الجمعة، 30 أكتوبر 2015

أشباه



لا تقنِعني شبْه ابتِسامَة، ذَلك الإِبراز الفاتِر للأسنان عادةً ما يُضيع طريقَه بينَ الشفاهِ و القلب،إنها أشْبه بشمسٍ تائهةٍ  فوقَ منطقةٍ جَليدية،تنظُرُ إليْها فيتوَلد لديْك يقينٌ فوْرِي أن الطقْس لا يُمكِن أنْ يصيرَ أكثرَ بُرودةً مِما هوَ عليْه..
لا أحْفلُ بشبهِ اهتِمامٍ،تِلكَ الأسْئلةُ عَني و حوْلي تُشعِرني أَني قفلٌ في بَاب، يُدهن مِن حِينٍ لآخرَ كيْ يُفتحَ بِسهولَةٍ فِي كُل مَرة، تُذكِرني بِأن المَواشِي لًا تفْرحُ  برِعايَة صَاحِب المزْرعَة لكِنها في كُل الأحْوالِ تفْعلُ مَا هِي مَنذورةُ إليه..
لَا يغْرِيني شِبْه حُضور، تِلكَ الأقْدامُ التي تُوضَع بخفةٍ هُنا وهنَاك،مسْتعِدة دومًا للقفْز عَلى صَخب الضحكَات فَهي تذكِرها فجأةً بأتراحِها، مستعدةٌ للرَكض بعيدًا عنِ الآهات كيْ لا تفسِد عليهَا انشِراحَها.
لا أُطِيقُ شِبهَ مَحبة، تِلكَ العَاطِفة المُترَددة  دومًا بيْن تَجاهُلك و الفتْك بِك، جَياشةٌ أكثرَ ممَا ينبغِي،تُعلن  مَجانِيتها بشكلٍ مُثيرٍ للشُكوك، لكنهَا أشْبه بفاكهةٍ مُعدلةٍ حسَب الطلَب، مِن المُحتمَل اَن تسْتطِيبها، لكن تظَل الحِمية الصارِمة أكثرَ أمنًا مِن حلاوةٍ مُسرْطِنة..
عِندمَا أتقدمُ بكل شيءٍ أصيلٍ فِيَ،بجَمالِه و قُبحِه،بِقوتِه وَ ضَعفه، لا يَسْتوقِفُني أَشباهُ البَشر، أُولِئك الذين يَحمِلون لِواءَ حقيقةٍ واحدةٍ و وحيدةٍ وهي أنَ كُل شَيءٍ بِشأنِهم مُزيف...

الأربعاء، 21 أكتوبر 2015

ألحان



على وترِ الفرَح أعزِف، ببضعِ حصصٍ في البهْجةِ لم أكنْ مستعدةً  على ما يبدو لإطْرابِ الجمهورِ،وأنا –تقول قواعدُ الشهرةِ-  جمهورُ نفسي، لذلك اعتقدتُ واهمة ان شغَفي بالبسمةِ يكفيني، قررتُ أُلا قاعدة في العزْفِ ولا حَكَمَ إلا قلبي  العاشقُ للفرحِ.
لكن بضعَ حصصٍ في البهْجَة لم تكنْ لِتكفي، و ليسَ قلبي منْ يحددُ القواعدَ، لأن الحزنَ هاهنا قاعِد،واليأس ها هنا قاعِد، وكلما عزفتُ لحنا للفرَح، علا صوتُ الحزنِ رخيماً قادماً من الأعماق و هتف اليأس: "مهما فعلتِ انا ها هنا باق !"
أتأملُ وجهَ الحياةِ العابس فجأةً وبسابقِ انذار، وأضْحك عالياً كطفلٍ عابثٍ يخرْبِش على الجدرانِ دون اكتراثٍ بالأضْرَار،أُشْهِر عُدتي في وجه العُبوس، ان كان لا بد للجدرانِ ان تُحيطني من كل الجوانب فليكنْ لدي على الاقل حقُ تلوينها..
سأرْسم عليها أبواباً كثيرة، أبوابٌ تنفتح على سماءٍ عاليةٍ بزرقةٍ لا تُخطِئها حتى العيونُ الدامعة،هناك حيث تَفرِد الطيور أجنحتَها و تحلق عاليا بلا تراخيصَ من أحد، لا يَهمها قِصَر العمر و لا خطورة الجوارحِ ما دامت قدْ حلقت بكل حريةٍ ذاتَ حياة.
سأكتبُ عليها إعلاناتي: اليوم ايضا يومُ احتفالٍ مثل الأمس ومثل غدٍ، ما المناسَبة؟ لا نحتاج مناسبة لكي نغردَ مُبتهجينَ أيها الحمْقى ! المناسباتُ هي بالذاتِ ما يقتلُ الفرحةَ فينا..مَنْ عدوُ الإنسانيةِ هذا الذي جَعَلَ للفرحِ شروطاً و رزنامة؟
بضعُ حصصٍ في البهجةِ لا تكفي للعزْف حسبَ القوَاعد، لكن من يَحفلُ بالقواعدِ على أي حال؟تَبا لكل القوَاعد ! أنا أعْزِف لنفسي، وكلماتي تطيرُ بلا استئذان، تعانِق الجدْران، هل ستقاومُ بُرودَتُها دِفْءَ كلمَاتي الى الأبد؟
على وَتَر الفرح أعْزف، فَلْتُرَدد معي كل الأرْوَاحِ العطشى لحنَ البهْجة،فَكَما لِكلٍ في الحَياة حق، و في الاخْتلافِ حق، فإن لكلٍ في البهجةٍ حق.

الخميس، 15 أكتوبر 2015

سنة هجرية مباركة



الهجرة..تنطق هذه الكلمة باللغة العربية فتعني لك بمجرد نطقها أشياء كثيرة،أشياء قد لا تخطر ببالك بالضرورة لو نطقتها بلغة اخرى، مزيج يتعب الروح من الاسى والقلق وفراغ داخلي يخلفه التخلي-طوعا او كرها- عن كل شيء والتوجه نحو عالم مجهول بالنسبة للمهاجر..
تذكرك هذه الكلمة بالذين هاجروا، بالذين هاجرتهم او هجرتهم و هجروك، بكل الاشياء التي تمني نفسك بان تهاجر اليها او على العكس من ذلك بتلك الأشياء التي تسعى بجهد ان تهاجرها دون ان تفلح في ذلك..
ثم عندما تستيقظ في مثل هذا اليوم، يسرح بك الخيال بعيدا، الى رجل قرر مع رفاقه  قبل 1437 عاما ان يهاجر موطنا عزيزا على قلبه من اجل رسالة، بوسعك ان تتخيل سحر الإيمان في النفوس، فقد كانت الرسالة مشروعا روحيا وانسانيا ضخما،وكان محمد عليه الصلاة والسلام بشرا رسولا، لم ينزهه القرآن الكريم عن صراع المشاعر البشرية المتناقضة، وتحدثت الآيات الكريمة بأمانة عن مواقف كان فيها حمل الرسالة أثقل مما يحتمله إنسان، لكنه أدى الأمانة و بلغ الرسالة، وأثر في ملايين الناس منذ ذلك الوقت الى اليوم.
تتذكر كل هذا في مثل هذا اليوم، ولا تملك الا ان تشعر بالغبن وان ترى ان استرقاق الناس تم باسم رسالته،وقد جاءت في الاصل لتحريرهم،ان ذبح الناس لا زال يتم باسم رسالته،وما جاءت رسالته الا لتحرم دماءهم. ومن صلب أمته ظهر من جعلوا رسالته رسالات اختلفوا بشأن مصداقيتها واقتتلوا و نكل بعضهم ببعض،و صنعوا ذاكرة من حقد و تطرف وطلاب ثأر يتناسلون فلا ينتهي ثأرهم أبدا.
هاجر النبي عليه الصلاة والسلام من أجل الرسالة، كانت واحدة، لكنها كانت مثل السماء تسع كل البشر،واليوم ان أردنا ان نحبه بصدق،وان نسعده ونسعد به،فلنهاجر كل ما يبعدنا عن رسالته.
كم اتمنى ان نهاجر الاحقاد، الانانية، الجشع، الظلم، شح النفوس، الغدر،الاحساس الغبي وغير المبرر بتفوقنا على الآخر، اي آخر..
كم اتمنى ان نقرأ ونعيد قراءة رسالته فنرى فيها كوكبا بلا دمار،كوكبا بلا جوعى،كوكبا بلا مشردين،كوكبا بلا معذبين..
كم اتمنى ان تسعنا سماء عالم انساني ممكن جدا لو أردناه، بعدما ضاقت بنا أرض الدول بما رحبت.
كل عام هجري وانتم الى الرسالة أقرب.

الأحد، 11 أكتوبر 2015

مقدسي



في العمق، كان يجب ان يكون صراعا من أجل الانسانية
في الواقع، بدأ كصراع عربي اسرائيلي
تحول الى قضية فلسطينية
ثم تدريجيا الى صراع فلسطيني-فلسطيني
توالى المنسحبون تباعا
أخيرا وجد المقدسي نفسه وحيدا إزاء محتل لا يستحيي،لا يهدأ، ولا يرحم
بزي جندي تارة و بزي مستوطن تارة أخرى
كالعادة،عميت العيون عن مشاهد الإهانة اليومية،الاعتقال التعسفي المستمر، والقتل البشع
كل الخطابات حول حقوق الإنسان تصبح ترانيم لا تجمع بين البشر الا في مملكة السماء
وعندما يجيب المقدسي بكل قهر المشردين في شوارع الحسابات السياسية،
بكل العتمة في الأرواح الضالة عن نور السلم والحرية،
عندما يجيب المقدسي،يتحدثون عن إرهاب شعبي
هل خيل إليكم حقا أن هذا الذي ولد من رحم الانتفاضة، ورضع حلم الوطن، وتعلم المشي على درب الحرية، ونطق أول كلماته من قاموس المقاومة،هل خيل إليكم ان يصبح مملوكا لوهم السلام مع محتل لا يعرف معنى السلام؟
هل خيل إليكم أن هذا الذي حكم عليه النفاق العالمي بذاكرة من حرب،ذاكرة من دمار،ذاكرة من لا شيء وكل شيء الا من وطن،هل خيل اليكم ان يشكر نعمة الحياة في ظل الاحتلال؟ان يمتن لاعتقال الاطفال؟ ان يركع لحكام الظلال؟
انشغلوا بالتفكير في الأسماء والمسميات
للمقدسي معركة حياة،وهو يخوضها على اي حال
اذا ما التقطت عدساتكم صورا له، يبتسم،فهو بخير.
لكنكم أيها المنافقون بشأن الانسانية لن تكونوا أبدا كذلك..