الثلاثاء، 24 مايو 2016

من هي؟ كيف هي؟ متى تكون؟



الجميع يريدها..بحت حناجرهم من أجلها..هم مستعدون لدفع مهرها من دمائهم اذا لزم الامر. يريدونها شمسا تنير سماءهم، أرضا يسندون إليها رؤوسهم المتعبة من طول المسير،ترابا يروى من عرقهم و يزهر رخاء يغمر الجميع...الجميع دون استثناء،هكذا يريدونها..
وحدها كانت تعلم انها لن تطيل المقام بينهم مهما فعلوا، لم يستطع شعب الاحتفاظ بها الى الابد، عبَر طيفها تاريخ البشر بخلود كل الأفكار العظيمة،يدللونها كثيرا في البداية لكن لسبب ما كان عليها ان تغادرهم في كل مرة،أبكر مما توقعت لأنها مثلهم سئمت متحف المُثل، وأبكر مما توقعوا لأنهم لم يعرفوا قط بماذا أخطئوا، وككل مرة يكون أمامهم زمن من العبودية لكي يكتشفوا ذلك بأنفسهم.
ماذا لو؟
ذهن يضج بالأسئلة، لا يسأم أبدا من تغيير كل شيء، يكاد ينتهي من تغيير الأشياء فيبدأ في تغيير فكرته عن التغيير: ينبغي للعالم ان يكون إنسانيا، أجل، كيف يكون كذلك ان ظلت أشياؤه على حالها؟
فلتكن الأشياء وقود طموحنا ! فليكن العالم أقل غرابة  وهو مرآة لعظمتنا !

الحرية ! إلهة الممكن دوما، بالفعل وبالقوة،شجرتنا المقدسة أنت، لن تفسد جذورك تلك الأعشاب الضارة،سنقتلعها دون رحمة !
ماذا لو؟
يجيل كائن بشري هش بصره هنا و هناك في الطبيعة، لقد تعب من التفكير،وأتعبه الاختيار.
ماذا لو كنا كالنملة التي تفعل ما هي منذورة اليه بحكم طبيعتها؟ ماذا لو كنا كالوردة التي تزهر دون انهجاس بزمن ذبولها؟ ماذا لو تصرفنا كقطعة puzzle تأخذ مكانها في الوجود بكل تواضع عوض ان تعيد ترتيب القطع فلا تنجح في اثبات شيء سوى قدرتها على افساد الصورة بشكل غير قابل للتعديل..

الحرية! هذه الفاجرة التي تغوي البشر و تهيئ لهم ان بوسعهم ان يفعلوا ما يريدونه وقتما يريدونه..اعدموها حيث وجدتموها و لا تكترثوا لصرخات العشاق !

ماذا لو؟
عبيد..عبيد..عبيد...أينما ولت وجهها هناك المزيد من العبيد
وهل يملكها مملوك؟ ذاك الذي قد يملك كل شيء إلا نفسه
تغادر هؤلاء و هؤلاء بخطى حزينة..
تستيقظ أرواح هنا وهناك على وقع الخطى و على عبق نسيم عابر للفصول..
من هي؟ كيف هي؟ متى تكون؟
ماذا لو؟


الأربعاء، 18 مايو 2016

نوستالجيا الحب والدمار



هي الرواية الثانية للكاتب المغربي السعيد الخيز بعد "سجين الهوامش" ،تطالعها فتترك لديك انطباعا بالانتماء، فعالمها ليس غريبا تماما عنك، خصوصا إذا كنت من الجنوب المغربي وتحديدا من منطقة أولوز حيث تدور أهم الأحداث التي توجه متن السرد.
هي تأريخ بلغة الأدب لحدث واقعي بصم الذاكرة الجماعية للمنطقة: إنشاء سد أولوز مع ما رافقه من تهجير قسري لصغار الفلاحين وتلاعب بالتعويضات التي كان من المفترض أن تصلهم مقابل نزع أراضيهم.
تقدم الرواية على لسان بطلها "أنير" وصفا لمعاناة الفلاحين أثناء و بعد واقعة التهجير، كما نجد فيها مقاطع عن نضالات المهجرين من أجل استرداد حقوقهم المسلوبة و القمع الدموي لاحتجاجاتهم.
الكتابة إذن ومنذ اختيار موضوعها تموقف وشكل من أشكال  الاحتجاج بالنسبة للسعيد الخيز، أن تؤرخ لمأساة المهجرين في عمل روائي يعني أن تضمن إبقاءه في الذاكرة الجماعية طويلا،وذلك بتفاصيل غنية و دقيقة لا تتسع لها مساحات التقارير الإعلامية التي تابعت الموضوع في حينه ثم تآكلها النسيان بظهور مآسي جديدة.
بهذا ينطق "أنير" الرواية بلسان كل من خاب أملهم في وطن يحمي و يحتضن، يصبح أكثر من ابن الجبل الذي يحمل في قلبه بقايا حب لوطن و امرأة، بل يصير أيقونة المواطن الذي تستثنيه حيتان الرأسمال من حساباتها، فيصبح دخيلا في عقر وطنه.
بلغة غاضبة واستعارات قوية يعبر الكاتب عن اغتراب الإنسان وقلقه و توتر علاقته بالوجود، خصوصا أن خذلان الوطن يتعمق بخذلان الحبيبة، إذ تتخلى "ماريا" عن "أنير" بدون سبب يفهمه، و يستغرق زمنا من عمر الرواية يجوب ماضي التهجير و ماضي "ماريا" تائها بين هذا وذاك،قبل أن يجد طريقا تصالحه مع عالمه الموضوعي، عمله كسمسار عقارات فتح له مجالا لمراكمة الثروة و معاشرة نفس الحيتان الذين اقتسموا (أو حاولوا على الأقل) اقتسام كعكة قريته الصغيرة ومنهم زوج ماريا نفسها.
تنتهي الرواية بإصابة "أنير" بورم خبيث في رأسه، ورم ترجعه الرواية إلى إصابة من زمن النضال والقمع، فهل كانت نهاية "أنير" ضربا من مكر "الوطن" الذي يتدخل لإقصاء ابن الجبل من دائرة المتنفذين و لو بعد حين؟ أم أنها طريقة الكاتب في الانتقام من شخصية ناضلت ضد الحيتان زمنا لتتحول بعد ذلك إلى نسخة عنها؟
في كل الأحوال لا ينكر متن الرواية علاقته بالفضاء الواقعي الذي استلهمه،تفاصيل دقيقة عن حياة الفلاحين، أسماء دواويرهم،الغابات المحيطة بهم و أشياء أخرى تذكرك بأن عالم الرواية ليس غرائبيا في شيء،حتى أن كاتبها نفسه يحضر تارة باسمه الأول "السعيد" باعتباره ابن عم "أنير" وتارة باسمه العائلي "دار الخيز".إشارات كثيرة لكي يعبر الكاتب أنه لا يكتب عن الواقعة من خارجها، فالمتخيل هنا تولد من عمق الواقعي لكي يجسده بلغة أخرى غير الرصد المباشر.
لغة السرد كما تقدم قوية واستعاراتها عميقة وبليغة بشكل جميل وهي لا تقدم للقارئ المشهد العام جاهزا منذ البداية،بل تقدمه قطعا كما لو تعلق الأمر بلعبة Puzzle تملك فكرة عن مشهدها العام لكن يكون عليك تناول وتأمل كل قطعة على حدة لكي تضعها من خلال تفاصيلها المميزة في مكانها المناسب من المتن.غير أن القارئ في هذا السياق يضيع الى حد ما بين الحنين الى زمن "ماريا" و مخلفات ما بعد التهجير في مونولوغ مطول يخلف احيانا انطباعا بقراءة نفس المضامين بجمل مختلفة .
تحضر المرأة في الرواية كأصل، كجدة مناضلة،كأم، كحبيبة (ماريا)، كصديقة (كاترين)،كقروية بسيطة (فتيات الدوار)،و لا تشذ الرواية عن تقليد درج بخلق تماه بين المرأة والوطن(ص274)، ف "أنير" خسرهما معا، لصالح "السيد عمراوي" الذي حصل عليهما معا.
يبقى "أنير" الرواية وفيا للموقف الذكوري التقليدي من المرأة،موقف تشوبه مفارقات كثيرة،فالمرأة حين تكون أما فهي مقدسة وتحظى بالكثير من الاحترام، ويمكن ان تكون حبيبة تشغل الكيان وتتعلق بها الآمال،كما يمكن ان تصير عند الحاجة مجرد وعاء لتخليص الرجل من إلحاح نداء الجسد (ص95). تتحدث لغة الرواية بشكل غاضب و ملئ بالازدراء عن الوطن وقد استحال أنثى رخيصة تعرض عرضها لمن يدفع(ص256)، يكون الاحتقار من نصيب بائعة الهوى حتى لو كان "أنير" نفسه زبونا للعديد منهن،فبمنطق ذكوري لا يحاسب الذكر الذي قد يكون اغتصب تلك الأنثى بادئ الأمر و زج بها في طريق العهر،و لا يحاسب الزبائن الذين يخلقون سوقا للطلب،بل يقع اللوم على بائعة الهوى وحدها.
في التمثل الذكوري تواجه المرأة بشروط صارمة،ينبغي أن تكون بطهر وعفة الأم،فتية و بكرا،فالرجل الذي يتورط في علاقة مع مطلقة او عانس ليس أكثر من ضحية (ص225) وكيف يكون كذلك في مجتمع لا يعترف للمرأة بحق المبادرة؟ !! كما ينبغي أن تكون بالقدر الكافي من الجمال، لا تنطلي على الرجل حيلة اخفاء وجهها بنظارات شمسية (ص 177) و لا تشفع لها قسوة ظروف الحياة الجبلية(ص95)،فإما ان تكون أنثى كاملة الأنوثة او لا تكون.
كلما تعمق قهر الشعوب تضخمت- بشكل مفارق - تمثلات الرجولة في مخيالهم، هنا أيضا تبقى الرواية وفية للاوعي الجمعي،إذ أن الذكر  في مطلق الأحوال رجل بغض النظر عن مواصفاته المورفولوجية او الأخلاقية، فمعاشرة ابن الجبل لزوجته رجولة(ص95)، و رفض "أنير" التفكير في خيانة "السيد عمراوي" مع الحبيبة السابقة "ماريا" رجولة ( رغم أنه خان ماريا نفسها مع بائعات الهوى)،كما أن مبدأه الرافض لإلحاق الأذى بأي امرأة نابع من احترامه لرجولة رجل مثله قد يكون أخاها أو أباها أو غيره(ص314).تحتاج المرأة إذن إلى أن تنسب لأحدهم لكي تحظى بالاحترام.
قراءة السطور أعلاه لصورة المرأة في "نوستالجيا الحب والدمار" توقفت عند إشارات من هنا وهناك داخل متن الرواية، إنها ليست رواية عن المرأة تحديدا لكنها كلما أرادت تأثيث فضائها بشخصيات نسائية انطلقت من أواليات ومسبقات ذهنية لاواعية  تكرس الأنماط السائدة في الممارسة التاريخية.هنا ايضا نحتاج الى ممارسة نوع من التموقف والاحتجاج.
"نوستالجيا الحب والدمار" اذن رواية تشبهنا في نواح كثيرة،من الأماكن والأسماء المألوفة، مرورا بذكريات طفولة لامبالية ،وصولا الى وطن يسبقك اليه قناصو الفرص بشكل دائم، إنها حكاية بدأت مع أجيالنا قبل ان تبدأ على صفحات الرواية و تستمر فصولها في كل واحد منا.






الجمعة، 6 مايو 2016

لستِ مجرد ربة بيت !!


 
أسألها عما تفعله في حياتها فتجيبني: "غيرْ ربة بيت" (مجرد ربة بيت)، فأفكر في نفسي: "مجرد ربة بيت،في مجرد أسرة، في مجرد مجتمع، هل تدرك هذه المرأة موقعها من الصرح؟ "
نساء كثيرات يربطن الإنجاز في حياتهن بما يحققنه في الدراسة أو العمل، أو حتى العمل الاجتماعي و التطوعي، من المؤكد ان المجتمع يحتاج طاقاتهن الخلاقة في كل هذه الميادين، لكنهن تعلمن بشكل ما أنهن لن  يحققن النجاح إلا بعيدا عن المنزل، ولذلك تُعرٍف ربات البيوت عن أنفسهن بادئات بكلمة "مجرد" كما لو كان ما يقمن به أقل شأنا من غيره.
تمثل وإدراك ربة البيت لدورها تتدخل فيه عوامل عدة،من بينها توزيع الأدوار والفضاءات بينها وبين الرجل في الممارسة الثقافية و تجذر هذا التوزيع عميقا في تاريخ المجتمع، هكذا يصير فضاء البيت "الآمن" من نصيب المرأة بما يرتبط به من أشغال منزلية فيما يبقى خارج المنزل هو فضاء الرجل بامتياز، حيث "العمل الشاق" الذي يتطلب مجهودا "حقيقيا".
من يدري؟ ربما بدأ هذا التقسيم  في زمن ما مع رجال محبين أرادوا تدليل نسائهم  وتصرفوا بطريقة  حمائية في عصر كان من السهل فيه انتهاك الحقوق والحرمات والإفلات من العقاب، لكن الأمر تطور تدريجيا الى تقسيم مقدس للأدوار  بحيث أصبح أي تواجد للمرأة في الفضاء العام خرقا لتلك القداسة،و راكم الوعي الجمعي تدريجيا كثيرا من التصورات التي تبخس قيمة المرأة و دورها خصوصا وأن كل الإنجازات ذات الأهمية الملموسة في حياة الجماعة تحدث خارج فضاء البيت.
تحول الأمر من تقسيم معين للأدوار (بما يعني على الأقل أن للمرأة دورا تقوم به في المنزل) إلى اعتبار المرأة عالة على الرجل، بما أن عليه توفير مسكنها،طعامها و لباسها وكافة حاجياتها،و استمر وضع المرأة في التدني إلى أن أصبحت شيئا من أشياء المنزل،و العامية المغربية دالة في هذا المجال،فكثيرا ما يستخدم مصطلح "جابها" عوض ارتبط أو تزوج منها كما لو كانت الزوجة متاعا آخر يؤثث فضاء البيت.
في هذا السياق، ينقاد كل من الرجل والمرأة - مدفوعين بأنماط التنشئة الاجتماعية حول توزيع الأدوار والتمثلات المرتبطة بها- إلى تبخيس دور المرأة في البيت، فكلاهما لا يرى النتائج الفورية والملموسة لما يمكنها أن تفعله، و بما أن عملها داخل المنزل "غير مأجور" بالمعنى الحرفي للكلمة فإنه بنظرهما لا يعد عملا من الأصل.
عندما يصل الرجل إلى مثل هذه القناعة فإن أيا مما ينفقه يصبح في اعتقاده مِنة وتفضلا منه،ولذلك فقد يقدمه بشيء من التأفف أحيانا،وقد يقتر في الإنفاق وقد يمعن في الإذلال مع الإنفاق،وقد يتعاطى مع شريكته بمنطق الربح والخسارة فهي عندما تكلفه أكثر مما تستحق- من وجهة نظره- فقد يحاول الحصول على أفضل منها بتكلفة أقل، فيساوي في تعامله معها بينها وبين أي شيء آخر،وليس من قبيل الصدفة أن يماهي ويطابق الرجال في مزاحهم مع بعضهم البعض بين نسائهم و سياراتهم: "أصبحت مسنة، غير اقتصادية وكثيرة العطب؟ استبدلها بأخرى !! "
استطاعت النساء (مستفيدات من ظروف تاريخية محددة ارتبطت بسياق ما بعد الحرب العالمية الأولى خصوصا) الخروج إلى مجال العمل و خوض نضالات متعددة لانتزاع حقوقهن في أجور مساوية للرجال،و التصويت و التمثيلية السياسية... وبقية القصة معروفة، مغزاها الأساسي أن بوسع المرأة أن تقدم أداء ممتازا في سوق الشغل وان تشغل كافة المناصب،بالطبع تطلب الأمر الكثير من الجهد لتحطيم القوالب النمطية السائدة حول حضور المرأة في الفضاء العام..لكن المرأة صرخت في وجه العالم "نعم نستطيع !"
في عالم اليوم،تعمل كثير من النساء ليس لإثبات الذات و لكن بسبب الحاجة، تعملن، ليس في مجالات حيث هناك فرص الإبداع والتميز بل حيث هناك مجرد اجر يساعد على تدبير تكاليف العيش مهما كانت ظروف العمل قاسية.
 بالنسبة لكثير من النساء أيضا،يظل العمل خارج المنزل اختيارا للمرأة نفسها و للأسرة،لكن ماذا لو اختارت فضاء البيت ؟ كيف السبيل إلى تصحيح و تصويب تمثلاتنا عن "ربة البيت" بما يخرج بها من دائرة التبخيس و التنقيص؟
يتعلق الأمر بتمثلنا عن الأسرة والزواج،إذ يفترض أنها مؤسسة قائمة على الشراكة التامة بين طرفين،حيث تفرض الحياة المشتركة عددا من المهام، يكلف البعض منها  مالا،والبعض الآخر يكلف وقتا و جهدا، يمكن للزوجين أن يتفقا على شكل محدد لتدبير المهام بينهما، وعندما يختاران الإنفاق من عمل أحدهما يهتم الثاني بالمهام المرتبطة بالمنزل.في أوروبا مثلا يحدث أن  يتفق الزوجان على أن تعمل الزوجة (إذا كانت ستحصل على راتب أعلى) فيما يتكلف الزوج بتدبير شؤون البيت لأن رعاية احد الأبوين للمنزل والأبناء أكثر أمانا واقتصادا من استخدام مربية أو خادمة، ولا يتعلق الأمر هنا بالدعوة إلى تطبيق النموذج نفسه،لكن نشير إلى أن مهام التنظيف والطبخ والاهتمام بالأبناء والتي تقوم بها ربة البيت عادة يمكن أن تكلف أموالا لا يستهان بها من ميزانية الأسرة، لذلك لا ينبغي التعامل مع ربة البيت وكأنها لا تقدم شيئا،لأنها في الحقيقة تعمل بدوام كامل، دوام لا ينتهي بساعات عمل محددة ولا تدافع عن تحسين شروطه أي نقابة.
تذكري أن مهامك داخل البيت هي بمثابة عمل قائم الذات،ان كنت تضطلعين بمسؤولياتك التي اخترتها في الحياة المشتركة على أحسن وجه فلا ضير من أن تقدري ما تقومين به أولا كي يقدره غيرك.
أحيانا تكون ربة البيت أكثر من يسيء الى ربة البيت،تسمح لروتين الحياة اليومية أن يبتلعها فتقوم بكل شيء بشكل آلي وخال من أي إحساس بالمتعة او الابتكار وتنساق الى اهتمامات سطحية تغرقها في الجهل و ضحالة الفكر،إنها في هذه الحالة أشبه بموظف كسول اطمأن الى حصوله على منصب الشغل و أصبح بالكاد يقوم بالمطلوب منه، يتذمر كثيرا و لا يعمل أو يبدع إلا لماما،تتقادم معلوماته عن كل شيء،ويسوء أداؤه بشكل يجعل كل من يتعامل معه يعاني من ضعف كفاءته.مع اختلاف بسيط أن ربة البيت تعتبر نفسها مجرد موظفة في شركتها التي تملك في الحقيقة نصف أسهمها.
تذكري أن إدارة الحياة المشتركة مثل أي عمل آخر يتطلب الكفاءة و الاطلاع على كل جديد لتطوير الأداء و مسايرة تغيرات الواقع، إن كنت أمية و قرأت لك إحداهن هذه السطور اشرعي بتعلم القراءة والكتابة، ان كنت متعلمة اطلعي اكثر كي لا تسقطي في أشكال الأمية الجديدة، اعتني في كل لحظة بمهاراتك و مواهبك لأنها ما يميزك و ما يجعل للشراكة معك نكهتها الخاصة جدا.
تذكري أن من رحمك،ومن حضنك ومن دفء يديك يحصل المجتمع على موارده من  الأفراد،فاجتهدي لكي تقدمي أفضل ما عندك،خصوصا وأنك تقضين وقتا أطول في الغالب مما يقضيه زوجك مع أبنائكما.
يحتاج الوطن للشرفاء،لمواطنين صالحين، لأصحاب مبادئ، لديمقراطية ينصرها الشعب في خياراته اليومية قبل أن يطالب بها، و يمكن لكل هذا أن يبدأ من البيت، بيتك، فاجعليه مدرسة وافخري بمنتوجك كما قد يفعل أي صاحب شركة ناجح.
تذكري أن صرح الوطن لا يعلو إلا بمواطنيه، و أبناؤك من هؤلاء المواطنين يختزلون الوطن فيكِ،فاجعليهم يفخرون بالانتماء إليكِ..
وتذكري أن لحديث القوارير بإذن الله بقية