السبت، 4 مارس 2017

مزرعة الحيوانات



رواية تعيد قراءتها أكثر من مرة،دون ان يفتر مع ذلك انبهارك ببراعة و ذكاء جورج اورويل في بناء عالمها السردي.
تبدو الفكرة بسيطة، فكرة التعبير عن واقع المجتمعات البشرية على لسان الحيوانات، ولكن ليس هذا ما يستوقف في "مزرعة الحيوانات"، انها فكرة الثورة، مبرراتها، أحداثها، آثارها على الذين خاضوها ايمانا بجدواها، مسارها الذي قد يسير في اي اتجاه  الا ذلك الذي اندلعت لأجله، لا تستطيع ان تفصل هذه الرواية عن عالم النصف الاول من القرن العشرين، ذلك العالم الذي استفاق فيه الناس من احلام العدالة و الرفاهية والحرية لكل البشر- وعود المجتمع الصناعي التي لم تتحقق- ليجدوا  أنفسهم يعيدون انتاج العبودية و القهر باشكالها الصريحة و المتخفية.ذلك العالم الذي خيب آمال الكثيرين و اسقطهم في قلق وجودي عن جدوى كل ما يحدث حولهم.
تبحث في ذاكرتك و انت تقرأ مزرعة الحيوانات عن الاحداث التاريخية التي يمكن ان تكون قد ألهمت جورج اورويل في كل التفاصيل التي يقف عندها بعناية:
-         الشعوب التي تستجمع بصعوبة شجاعتها لكي تثور على مستغِليها و لا يفيض كأسها الا قمة الجوع والقهر.
-         الصعود التدريجي لقادة و زعماء أسوأ من الذين قامت الثورة للاطاحة بهم
-         قيام هؤلاء بابعاد من ينافسهم على السلطة او يحمل رؤية اصلاحية حقيقية
-         التلاعب بالذاكرة الجمعية من خلال البروباغاندا و الاعلام المأجور الذي يجعل من الهزيمة نصرا و يحرف الاحداث والوقائع بحيث لا يعود التأكد من اي واقعة ممكنا بالنسبة للناس
-         التعديل المتواصل للدستور او القوانين بدون الرجوع الى الشعوب بحيث تصبح الدساتير مفصلة بالمقاس على مزاج الحاكم
-         بناء عالم مزيف من التطور الاقتصادي و الرفاه والامن والحرية في الخطاب الرسمي و تكراره الى ان يصدقه الناس مع انه يتناقض تماما و واقعهم المعيش
-         اشاعة جو من الخوف من خلال تنفيذ احكام اعدام و اقامة محاكمات صورية لخونة مفترضين
-         تحصين الحاكم و حاشيته لأنفسهم بجيش شرس لقمع اي عصيان
-         تمكن الفئات المتنفذة من عدد كبير من الامتيازات التي لا تتاح لغيرهم
-         واخيرا و بعد مضي زمن كاف على ترسيخ العهد الجديد لدعائمه و تأكده من انعدام اي مقاومة من قبل الشعب يسمي الاشياء بمسمياتها و يكشف عن وجهه الشمولي دون اكتراث.
أتأمل كل هذا و لا املك الا ان اعجب ببراعة جورج اورويل و نفاذ بصيرته، فقد يكون  استلهم تفاصيل ما كتبه مما عاصره ( ثورة البلاشفة و نظام لينين و بعده ستالين) وهذا في حد ذاته يشهد بذكائه إذ ليس كل من عاصر نظاما شموليا يستطيع ان يتنبه الى الطرق والآليات التي يتغلغل بموجبها في كل مظاهر المعيش، وفي هذا الشأن نجد تحليلا اعمق و اكثر ابهارا في رائعته "1984"  
من جهة ثانية يمكن للقارئ و هو يقرأ الروايتين ان يستعيد احداث من التاريخ القريب(نظام كاستور في كوبا مثلا) ، فيلح على ذهنه السؤال: هل هي نبوءة تتحقق هنا وهناك على خريطة العالم؟ ام ان جورج اورويل في قالب روائي استطاع ان يلخص عددا من الوقائع المنتظمة التي تشكل جوهر الانظمة الشمولية فيما يشبه القوانين؟

الأحد، 12 فبراير 2017

قبور



أتأمل ما تبقى من العام و هو ينسحب إلى الماضي ببطء كما تتسرب الحبات بهدوء الى أسفل ساعة رملية.ما إن تستقر في القعر لا يعود في إمكانك تمييز أي منها سقطت أولا، وأي منها قاومت إلى آخر لحظة...كذلك لحظات وجودك عندما تستقر في الماضي، تبهت جميعا،وتشبه الأفراح و المصائب بعضها بعضا، تصير مشاهد من زمن آخر فقدت كل قدرة على إثارتك،بوسعك للحظات أن تتأملها كما لو أنها تخص شخصا آخر غيرك لولا أن ملامحك تطالعك بإلحاح في كل مشهد منها.
ما الحكم التي نجنيها مقابل المكوث طويلا في عالم غريب كهذا؟
في كل انتصار هناك هزيمة كامنة، لن يطول انتشاؤك كثيرا فالانكسارات تتكشف بتشف متحدية قدرتك على تدبيرها.
الأفراح، مثل طرود بلا عنوان، تدفع الكثير من أجلها احيانا، فلا تصلك أبدا، كما لو ان الطرد أخطأ وجهته،هكذا بكل بساطة، ثم من حين لآخر تطرق بابك متلهية بتعابير المفاجأة على محياك، بابتهاجك الأبله بسعادة غير متوقعة.
الحب يأتيك معبأ مع كل نواقضه التي يمكنك ان تتخيلها، مع شيء من الكراهية، قليل من التشفي، بضع جرعات من القسوة و كثير..كثير جدا من التملك.
قلبي تلك الأرض التي تجد نفسها من حين لآخر مسرحا لحروب لا تعنيها في شيء، هي دوما بلا اي سياج يحمي حدودها، تتأملهم و هم يدخلون ترابها ، يعمرون زمنا، يطيب لهم المقام فيعتقدون ان لهم صك ملكية  يحاجون به الملاك الآخرين.عندما يغادرون و قد فهموا - أو لعلهم لم يفهموا أبدا- أن الأرض لم تكن يوما ملكا لأحد، تبهت ذكراهم و لا يتبقى منها غير شاهد غرس نفسه بعمق خذلانهم.
امتلأت جنبات أرضك يا قلبي بالكثير منها،شاهد هنا،شاهد هناك،  "أصدقاء وعائلة" تجندوا لتحيين فهمك لمصطلحات : التعاطف، المحبة، العطاء. صرت تجيد الامتنان للجرعات القليلة من كل ذلك في سيل اللامبالاة و البغض المجاني و الانانية التي تهدد باغراق روحك على الدوام.
"ثمة الكثير من الحواجز إليك" يقول القادمون الجدد، هل يكون من اللطيف إخبارهم انها ليست حواجز و إنما قبور؟

الأربعاء، 19 أكتوبر 2016

لو تعرفين...



تحكي أسطورة يونانية قديمة عن بطولة إله غامر بتقديم النار المقدسة الى البشر و واجه مصيرا مأساويا كعقاب له على إنهاء احتكار الآلهة للحكمة و المعرفة،أسطورة بروميثيوس هذه لا تكشف فقط عن تفسير الاغريق القدماء لمنشأ المعارف بل تشير ايضا الى حقيقة تدعمها الكثير من الوقائع التاريخية: هناك دوما من يسعى الى حماية أسرار  المعرفة  و جعلها حكرا على قلة قليلة من الناس.حتى مع مرور قرون على ظهور الكتابة و التدوين لم يتم كسر هذا الاحتكار بشكل كلي، و هو ما يشير إليه امبرتو ايكو في روايته  "اسم الوردة" التي  تحدثت عن  سعي بعض رجال الكنيسة  الى منع انتشار محتوى بعض الكتب والمخطوطات بما يجعلهم المرجع الوحيد لتفسير الكتب المقدسة.
من الواضح إذن ان المعرفة تتيح شكلا من السلطة و السيطرة، وهي سلطة تتجاوز حدود ما أشار اليه الفيلسوف الانجليزي فرانسيس بيكون عندما تحمس الى بناء معرفة دقيقة عن الطبيعة من أجل تسخيرها لخدمة الجنس البشري، إذ بالنسبة للكثيرين يتعلق الامر بما هو اكثر من تسخير الأشياء، اي تسخير بشر لخدمة بشر آخرين.
في مجتمعاتنا الحالية حيث تتوفر وسائط الحصول على المعلومة أكثر من أي وقت مضى يبقى احتكار المعرفة  واقعا ملموسا أكثر من أي وقت مضى أيضا، يمكن للحقيقة ان تضيع بسهولة في زخم التصريحات والتحليلات والأفكار،كما انها توجد طوال الوقت جنبا الى جنب مع الأوهام و الأخطاء والافكار المزيفة بإتقان، إنها ضوضاء عارمة مغايرة تماما لما كان عليه الأمر قبل قرون، حيث كانت المواضيع المحرمة تناقش بسرية و تكتم شديدين، وكان المسكوت عنه بمجرد طرحه للنقاش يكشف عن أوجه الحقيقة الغائبة.
اليوم، تتيح التقنيات الحديثة امكانيات واسعة لنشر و تداول المعرفة،و يمكن لأي فرد ان يدلي برأيه في اي قضية،وإذا كان هذا يوحي للوهلة الأولى بتحرر المعرفة من أشكال الوصاية و السيطرة فإنه في العمق و بشكل مفارق يعكس الحاجة الى تحرير المعرفة،تحريرها من أشكال التبسيط والاختزال والتضليل، نحن في عالم يمكن فيه للأشخاص ان يتحدثوا كثيرا و يناقشوا -بكل حماس- موضوعا ما وذلك تحديدا بنية عدم قول أي شيء.ابسط مثال على ذلك ما تفعله وسائل الاعلام غير المحايدة عندما تحلل  قضية ما من جميع الجوانب و تتيح منبرا لكل من لا منبر له مع كامل الحرص على ان تظل الحقيقة المنشودة من طرف المواطن هي بالضبط الاقل حظا بالظهور على السطح.
ان كان انتاج ونشر و تداول المعارف يقع في صلب انشغال المهتمين بتحقيق الديمقراطية و منح الشعوب معطيات كافية لاتخاذ قرارات حرة عن بينة و دراية كافيين، فإن الامر لا يختلف كثيرا على مستوى الفرد المتعين، على مستواكِ انتِ.ما تعرفينه يمنحك خيارات أكثر لكي تقرري اي حياة تريدين، و مع من و كيف تريدينها.و رغم أن المعرفة تأتي أحيانا في نفس الطرد مع شقاء الوعي ببعض المشكلات التي نرتاح أكثر لو كنا على جهل بها، فإن متعة إيجاد المعنى، وخلقه عندما لا يوجد لا يمكن ان تقارن بحالة السلام الساذج التي يعيشها البعض الى ان تكسرها  أحداث تتجاوزهم و تضعهم بشكل غير مفهوم (لهم) تحت رحمتها.
ان تعرفي يعني ان تكوني قادرة على فعل شيء بما يُفعَل بك، لا شيء ولا أحد قادر على تطويعك لمصير حتمي، لا سبيل الى جعلك فردا في قطيع يردد لازمة ليست من تأليفك ولا من تلحينك، لازمة حتى عند أدائها يضيع صوتك بين جموع المغنين، ان تعرفي يعني ان تكوني حرة و حاضرة بشكل أصيل يعبر عنك.
تذكري و انت تقطعين كل يوم طريقك الى الثانوية او الجامعة حيث تدرسين أن الطريق الى الحرية و الكرامة قد تكون صعبة و موحشة وقاسية لكنها ليست طريقا للجهال بأي حال.وحدهم من يغالبون ضعفهم أمام سلطة العادة والسطحي من الافكار والتعبية للآخرين يصلون الى تذوق حلاوة الانتصار فيها، لهذا "متعطيش عقلك لغيرك".
تذكري و انت في منزلك او مقر عملك او اي مكان آخر تصطبرين على فهم غموض الأفكار، وانت تغالبين رغبتك ب" قتل الوقت" في الاهتمام ب"لاشيء" و تقررين بدلا عن ذلك تشذيب حديقة معارفك ، ان العالم ملك لمن يعرف أكثر، وان كنت لا تطمحين الى امتلاك العالم، فمن المؤكد انك لن تتخلي عن امتلاك الحق في أمورك الخاصة البسيطة، كأن تكوني واحباؤك بمأمن وبصحة جيدة، وان ينتج ما تستهلكونه بطرق آمنة و عادلة، و سيكون عليك ان تقرئي في مجالات الاقتصاد والسياسة و البيئة وغيرها  لكي تعرفي لماذا ليس من السهل إحقاق حقوق بسيطة كهذه.ان تعرفي يعني-من ضمن ما يعنيه- ان تضمي صوتك لمن ينادون بعالم أفضل، عالم تسخر خيراته للإنسان وليس عالما يسخر فيه الإنسان لخدمة جشع و نزوات الإنسان.
تذكري فقط عندما يشتد ضجيج التحليلات و الافكار وأشكال الإلهاء القادمة من هنا وهناك ان توفري لعقلك مساحة كافية لكي يفكر بهدوء واستقلالية،فهو يحتاج الى هذا لكي يبهرك بألمعيته.
وتذكري ان لحديث القوارير بإذن الله بقية

الاثنين، 19 سبتمبر 2016

ثورات صغيرة


 
ننظر أحيانا الى ما يحيط بنا و نشعر أن كثيرا من الأشياء بحاجة الى تغيير،تغيير حقيقي، تغيير عميق و جذري،نتأمل كل شيء و بشكل ما، ننتهي احيانا كثيرة الى قناعة مفادها ان هذا التغيير يحتاج الى رياح قوية تعصف بكل شيء،الى طوفان يقتلع كل شيء و ننسى أن أبهى الحقول قد تثمر من زخات مطرية خفيفة،و أن أعظم الثورات تبدأ حيث يقف كل واحد منا، و أنها لا  تكون بالضرورة ثورة واحدة كاسحة بل قد تتحقق على شكل ثورات صغيرة.
يتوجه رجل الى أقرب مدرسة لتسجيل ابنته الصغيرة، و لأنه في مجتمع متشدد إزاء تعليم الفتيات فإن سلوكه هذا ثوري بالقدر الذي ينتزع فرصة للتعلم ليس لابنته فقط و لكن لكل بنات جنسها.
عندما تصبح المزيد من النساء قادرات على القراءة و الكتابة و ترتدن مؤسسات التعليم بما فيها الجامعية منها، تدرك البعض منهن ان حقهن في المعرفة لا يقف عند شهادة جامعية و قد لا يتطلبها بالضرورة، فتجعلن من القراءة سلوكا يوميا لأن المعركة التي تبدأ ضد الأمية و الجهل تظل قائمة دوما ضد الكسل الفكري و صناعة الجهل و صنوف التضليل.
في الفضاء العام، تتناول سيدة وجبتها في مطعم، وتحتسي أخرى فنجانها في مقهى، و تقرأ ثالثة كتابها مقتعدة كرسيا في حديقة ، لا تقوم كل واحدة من هؤلاء النسوة بتكسير النمط التقليدي الذي يجعل الفضاء العام حكرا على الرجال فقط، فالمرأة في كل منهن حررت نفسها -الى جانب ذلك- من اعتبارها موضوعا جنسيا،إذ بإمكانها التواجد في الفضاءات العامة كمواطنة يحق لها التنقل والترويح عن نفسها دون أن تبحث أو تتوقع لفت انتباه أحدهم.
في البيت، تعيد النساء  انتاج نفس نمط ربة البيت التقليدية التي تفني وقتها في خدمة الجميع و عدد منهن يدربن بناتهن لكي يصرن جاهزات لأداء الدور نفسه في منازل أزواجهن المستقبليين، نساء أخريات يحاولن تحطيم هذا التوزيع التقليدي للمهام بجعل أزواجهن و أبنائهن الذكور يساعدون في امور البيت، والرهان الحقيقي في هذا الباب ليس جعل الرجل يحمل مكنسة ولكن ترسيخ مبدأ التعاون في الحياة المشتركة، إنها معركة ضد اتكالية و أنانية البعض و نزوعهم الى استغلال البعض الآخر بغض النظر عن الجنس.
في سن الخمسين أو أكثر وبعد تجربة زواج أو أكثر تعثر سيدة أخيرا على الشريك المناسب ثم تبدأ من جديد، فالحق في السعادة ليس حكرا على شريحة عمرية معينة،وأهم من ذلك:ليس هناك سن محددة تتوقف فيها أنوثة المرأة عن الوجود. تحتفي شابة بزفافها دون حفل فهي ليست بحاجة الى فرقة موسيقية او "نكافة" لإعلان فرحتها وليس لديها ما تثبته لأحد.وتفضل ثالثة لقب العانس على زواج تعيس أو شراكة غير مرضية،فما يعتقده الآخرون في النهاية يعبر عنهم لا عنها.
عندما تخططين لثورتك الصغيرة،تذكري أن معركتك ليست ضد الرجل فهو في مجتمع كالذي نعيش فيه،كائن هش وقلق مثلك تماما،و ليست ضد الآخرين أيا كانوا، إنها معركة ضد سلوكات معيبة،وتحديدا ضد المبادئ التي تحكم تلك السلوكات، وإذا لم تتصرفي وفق مبدأ مختلف و منصف ستنتجين سلوكات مماثلة لما انتقدته في البداية، في العلاقة بين الحماة و زوجة الابن مثلا استطاعت الزوجات التحرر من علاقة تنمحي فيها شخصية الواحدة منهن، علاقة تقضي بأن لا يكون لها رأي في شؤون منزلها ولا ينتهي إقصاؤها إلا بوفاة حماتها، غير أن البديل بالنسبة للكثيرات هو إقصاء الحماة من حياة ابنها لدرجة تصل معها أحيانا الى وضعها في دار للرعاية الاجتماعية للتخلص منها نهائيا،ومن المؤكد أن زوجة الابن هنا لا تفكر في احتمال تخلص فلذة كبدها منها هي نفسها بالطريقة ذاتها لاحقا،ومن المؤكد أيضا انها لا تطرح ثورتها موضع تساؤل.
من السهل أن يتيه المرء عن الطريق التي خطط للمضي فيه بكل ثقة، ننتقد الأزياء التي تصمم وفق مبدأ يجعل المرأة مجرد موضوع للإشباع الجنسي،إذ يعاب على البرقع مثلا كونه صمم لحجب جسد المرأة باعتبارها موضوع فتنة،لكن المبدأ نفسه يحضر في تصميم الملابس الأكثر "حداثة" والتي صممت لتحقيق ثورة تحرر النساء، فهي تعرض لكل سنتمتر في جسد المرأة بشكل يجعله يؤدي غرضا واحدا: الفتنة و الغواية.و من ثمة فالملابس الأكثر حجبا و الاكثر عريا تتفق حول المبدأ نفسه: هذه المرأة بالأساس موضوع إثارة وإشباع جنسي.
يقال أن الثورة تأكل أبناءها و الثوارت الصغيرة ليست استثناء فهي ايضا قد تبتلعك في بحر من التفاصيل ان لم تكوني بالحكمة الكافية لكي تذكري نفسك في كل لحظة: أين بدأت وإلى أين أريد الوصول؟
قد تعتقدين أن ثورتك تبدأ بكلمة "لا"  شجاعة و جريئة،لكنها في الواقع تبدأ بشجاعتك وجرأتك مع ذاتك أولا، فنحن لا نستفيد دوما وبشكل مباشر من التغيير الذي يحصل حولنا،وكلما دربت نفسك على الإنصاف كانت شرارة الثورة الصغيرة كافية لكي تلهم الآخرين بعوالم أخرى ممكنة،عوالم أفضل مما كان.
تذكري وانت تخططين لثورتك الصغيرة ان تصمميها ليس لجعل حياتك وحدها أفضل بل لجعل الحياة بعدك أفضل، فأنت ستفتحين طريقا سيسلكها حتما أناس آخرون بعدك،فإن كانت طريقا للتيه تاه معك الجميع، وإن كانت طريقا نحو إنسانية أرقى ترقى بفضلك الجميع.