ينشغل الرأي العام الوطني من حين لآخر بقضايا يثيرها من هنا وهناك بعض الأفراد
اما بصفة شخصية او بصفتهم ممثلين لمؤسسات مدنية، حزبية او دينية.ولو ألقينا نظرة
بسيطة حول نوعية هذه القضايا لوجدنا انها تتخذ اتجاها معينا،و انها اذ تكشف بوضوح
عما تناقشه فإنها ايضا تحيل وبوضوح اكثر على ما لا تناقشه.
سواء تعلق الأمر بالحق في الاجهاض، الحرية الجنسية،فتوى قتل المرتد، تجريم
التعدد او المساواة بين الجنسين في الارث، فإن كل هذه القضايا تسير في اتجاه وضع
المرجعية الثقافية والدينية للمغاربة موضع تساؤل ونقد ،وكان ذلك ليكون في حد ذاته
أمرا صحيا لولا طريقة النقاش وتوقيته،
فمبدئيا يمكن القول ان كل جماعة في حاجة من حين لآخر الى فحص مرجعياتها و اعادة
بناء قناعاتها على أسس متماسكة، لكن اثارة الملفات السابقة تتم بشكل جدالي متشنج بعيد
عن الحوار الهادئ احيانا كثيرة، ينقسم فيه
المتحاورون الى علمانيين واسلاميين ضرورة، يكيل كل فريق منهما الى الآخر تهما
جاهزة، ومن ثم تكون تهم الزندقة والكفر والالحاد للفريق الأول، بينما تكون تهم
الرجعية والظلامية والتكفيرية من نصيب الفريق التاني.
هذا عن طريقة النقاش، اما عن توقيت النقاش – وهو مربط الفرس- فيبين لأي شخص يتمتع بقدر من
الذكاء انها اشباه قضايا تعمل على شغل
الرأي العام بنقاش مغلوط من اجل تضليله عن النقاش الحقيقي،وهو ما يذكرنا بالتشبيه
الذي قدمه بيير بورديو في أطروحته حول التلفزيون الذي يعمل مثل لاعب الخفة: تشغل يده اليمنى بصرك
بحركات مدروسة هنا، بينما الخدعة تحبكها بسرعة يده اليسرى هناك.
في الوقت الذي نتشنج فيه من اجل الدفاع عن او ضد التعدد ننسى ان هذا الخيار
لا يهم الإ شريحة ضئيلة من المغاربة بينما الاغلبية الساحقة تواجه ارتفاع الاسعار
والبطالة فلا يكون لها حتى الحق الطبيعي في الزوجة الاولى. في الوقت الذي ننقسم فيه الى
فريقين متناحرين لا يطيق احدهما للآخر وجودا أو كلمة ننسى ان الديون التي اقترضها
المغرب سيشارك في أدائها الجميع على
اختلاف توجهاتهم، وان ارتفاع فواتير الماء والكهرباء لن يميز بين اسلامي وعلماني.يتحدث
الجميع عن أزمة اقتصادية خانقة ، مع ذلك رأى الجميع ايضا كيف ان مهرجاناتنا جاءت في توقيتها
المعتاد وان الانفاق العمومي لم يتغير الا لكي يصير أكثر بذخا ، هل سنختلف حقا اذا
تساءلنا بصفتنا مواطنين: من المسؤول عن تأزم الاوضاع في المكتب الوطني للماء
والكهرباء؟ هل سنختلف ان طالبنا بمحاسبة المسؤولين؟ هل سنحتلف اذا تساءلنا: لماذا
يجب ان نتحمل ديونا كان من الممكن تجنبها بترشيد اكثر للانفاق؟ هدر المال العام لا
يخضع لتلوينات المشارب السياسية او الفكرية..الهدر هدر والنهب نهب في أعين الجميع.
يمكن للساسة دوما ان يعولوا على سهولة الهاء الجماهير، وبينما يتناحر الناس
من اجل اختلافات وهمية، يتلاقى الساسة رغم تعارضهم حول مصالح مشتركة، ابلغ مثال
يبين هذا الامر التجييش الاعلامي الذي واكب مقابلة مصر والجزائر في كرة القدم قبل
سنوات، تحول الامر من مجرد لعبة الى تناحر قومي يتهدد الارواح والممتلكات، وبلغ
العبث ذروته عندما طالب مواطنون مصريون عبر شاشات الفضائيات الرئيس المخلوع حسني مبارك بالظهور واعادة
الاعتبار للمصريين باعتباره حامي ديارهم !
انشغل عموم الشعب المصري بالمقابلة بينما عيد الاضحى على الابواب وشريحة
واسعة منهم من فرط الفقر لا تجد ثمن كيلوغرام من اللحم فمابالك بخروف،واقتتل الناس
حول لعبة بينما في الوقت نفسه تستقبل ادارة مبارك مسؤولين اسرائيليين للتنسيق الامني
بين الطرفين فيما يتعلق بالحدود والمعابر !!
انها استراتيجية الهاء قديمة لكنها فعالة دوما،لا يمكن لمواطن منشغل
بالاشخاص دفاعا او سبا ان يراقب الاداء الحكومي، ويتتبع خياراته، خصوصا اذا اخذنا
بعين الاعتبار التناقض الذي تحمله اللعبة الديمقراطية بحكم طبيعتها، فإذا اعتبرنا
ان لكل حكومة حيزا زمنيا محددا لتنفيذ برنامجها،فإن أغلب الاحزاب الحاكمة تميل الى
اتخاذ قرارات آمنة تحفظ شعبيتها التي تحتاجها في الاستحقاقات الموالية، وتحت ضغط
الاعلام الذي يطالب بلسان الرأي العام بنتائج ملموسة للأداء الحكومي، فإن الاحزاب
الحاكمة لا يمكن ان تغامر بشعبيتها، ولذلك تتجنب بعض الخيارات حتى ولو كانت مفيدة
على المدى البعيد، و تتبنى خيارات اخرى تنقذها نسبيا من مآزق حالية لكن تؤجل
المشاكل عوض حلها لتجدها الحكومات الموالية في انتظارها.
لهذا يسود جو
المزايدات السياسية الضيقة بين الاحزاب
المختلفة، والمواطن –المعني الحقيقي
بهذا النقاش- مغيب تماما لانه لا يزال
يقتتل لأجل أو ضد الحق في زوجة رابعة !!
إن مناقشة القضايا السياسية كانت تعجبني.مع أساتذتي في الإبتدائي.لكن الآن.............................................بعض لأساتذة لايشركون تلميذ لمعرفة رأيه.هذا طبعا إذاوجد تلاميذ في المستوى
ردحذفاهلا عز الدين يسرني مرورك وقراءة تعليقك، لا ادري بمن من الاساتذة تتعلق ملاحظتك لكن ربما عليك ان تعذرهم لان زمن الحصة ضيق و منهاجكم المقرر كثيف في معظم المواد :)
حذفtelechargert laktab walakin .........................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................fin howa résumée
ردحذفتدوينة تستحق المشاركة و الانتشار
ردحذفشكرا لك طارق ممتنة لمرورك و شهادتك
ردحذفيحز في النفس أن تنطلي علينا الحيلة مرارا و تكرارا, فهل من مدكر
ردحذفمقال جميل عزيزتي
شكرا حبيبتي ممتنة لحضورك
حذف