قبل أن تكتشفي ماذا يعني ان تكوني أنثى
ينتقون لك ملابس بألوان زاهية، و يعلمونك ارتداءها مرفقة بالكثير من الأكسسوارات:
عقد للعنق، أقراط للأذنين، مشابك للشعر،أساور...واللائحة مرشحة دوما للزيادة. وانت
طفلة، تستمتعين بارتداء كل ذلك و بنظرات الإعجاب ممن حولك و قد تستعرضينها بخيلاء
أمام شقيقك الذي لم يحصل سوى على سروال و قميص، وقد يحصل ان يغار المسكين ويحتج ان
كان في سن مبكرة لا تسمح له بفهم قواعد اللعبة.
كلما قرأتِ قصة عن الأميرات وجدتِ وصفا دقيقا
للبشرة الصافية والقوام المتناسق والابتسامة المبهرة،والى جانبها رسم يحرص على
تجسيد الوصف بكل أمانة. مبكرا أيضا يقدمون لك هذا المثالIdéal الذي ينبغي عليك السعي لتحقيقه: هذه المخلوقة
الجميلة في بهاء والتي تملك قلبا ينبض بالمحبة لمن حولها و الى جانب ذلك ما يكفي
من الذكاء و سرعة البديهة لكي تنقذ نفسها من الصعاب.
من الواضح ان المجتمع يسوق لنماذج معينة
تعلمك كيف تكونين جميلة، مقاييس دقيقة و صارمة تغذي باستمرار شعورك بعدم الرضا عما
أنتِ عليه ، و يكون هذا أحيانا كثيرة في صالح الشركات التي تتحفك بمختلف المنتجات
النسائية،فكل منها تجتهد لكي تقدم لك حلا ل"معضلة" الجمال. فالجمال يصبح
مشكلة حقيقية بالنسبة للمرأة التي تسعى للحصول عليه مهما اقتضى ذلك من جهد ومال، مشكلة
بالنسبة لتلك التي تسعى للحفاظ عليه في مقاومة شرسة لعوامل الزمن حتى لو اقتضى
الأمر اخضاع وجهها لمبضع الجراح،حتى لو كانت النتيجة وجها مشدودا الى درجة العجز
عن الابتسام بشكل طبيعي و تلقائي.
يمكنك ببعض التفكير ان تكتشفي كيف ان مقولة
الجمال تنطوي على قدر من القبح، فمن جهة، ليست هناك امرأة على القدر الكافي من
الجمال، ينبغي دوما ان يتم تعويض قصورها الطبيعي بالملابس والاكسسورات والمستحضرات وغيرها.إضافة
الى ذلك فحتى المرأة التي تحقق الى حد كبير نموذج الجمال المطلوب لا تلبث أن تُختزل
فيه، من يهتم إن كان للمرأة داخل رأسها الجميل عقل يفكر؟
دعينا إذن نسطر على هذه الفكرة: نموذج الجمال
الذي يشعرك بالنقص و يجعلك مجرد شيء او متاع لا ينبغي ان يعنيك في شيء.فأنت اكثر
من ذلك بكثير.
ثم لنتوقف قليلا عند نموذج الجمال هذا،ربما
تنبهتِ من قبل الى ان معايير الجمال تتغير بتغير المجتمعات، ففي منحوتات تعود الى
عصور ما قبل التاريخ تم تجسيد المرأة بجسم مكتنز ضخم، وقام نحاتو الإغريق القدامى
في مرحلة معينة بتجسيد النساء بأجسام رياضية شبيهة بأجسام الرجال(كما جسدتها
منحوتات نفس الحقبة)، وفي ثقافتنا المحلية بدون شك أمثلة تكشف كيف أن المقاييس
التي اجتهدت جداتنا لتحقيقها هي تحد طريف و مضحك بالنسبة لنساء جيلنا الحالي.
الفكرة هنا ببساطة ان البشر يختبرون الاحساس
بالجمال، و يعرفون الرضا الذي يخلقه في أنفسهم مشاهدة الجميل، لكنهم يبحثون منذ
بدء الخليقة عما يحدد هذا الجميل دون ان ينتهوا الى نتيجة حاسمة واضحة
المعالم.لذلك فعوض ان ترهقي نفسك بمحاولة تحقيق المطلوب منك كشيء جميل دربي نفسك
على رؤية الجمال خارج الأنماط السائدة،كوني أنيقة اذا اردت، احتفي بالألوان، تحركي
بثقة، لكن لا تقبلي بان يتم اختزالك في جسد او سن معينين، حرري ذائقتك الجمالية،
في البدء سيكون عليك ان تنصتي لسحر العالم من حولك، كي تكتشفي جمالا مختلفا كل
مرة،في القامة المتحدية لعاملة المصنع، في الوجه المنشغل لربة البيت، في بريق
الطموح بعيون المناضلة، في حياء الفلاحة، و جرأة الطالبة على ممارسة شغب التفكير،في
القائدة بكل نعومة، في الزوجة والأم عن حب،في المطلِقة لشراكة غير عادلة،في
العازبة عن اختيار، في الملامح البريئة لصبية دون العشرين و في الوجه المتغضن
لامرأة عجوز.
تذكري انك لست معنية الا بتحرير الجمال ممن
جعلوه سلعة يبتزون بها روحك التواقة الى الحياة
تذكري ان الجمال حرية وليس خندق مقاييس
تسجنين فيه نفسك طوال الوقت
تذكري ان تسمحي لسحرك الخاص بان ينبثق و يشع
من حولك
اصنعي الجمال في كل أفعالك بدل ان ترغمي نفسك
على استنساخه فيك
لا تكوني جميلة و لكن كوني بشكل جميل
و تذكري ان لحديث القوارير باذن الله بقية