الجمعة، 26 ديسمبر 2014

عنف اللاشعور

تلميذتي بالجذع المشترك..في شعرها الطويل الحريري والمنسدل دوما على جسدها الصغير..وفي ابتسامتها الخجولة وملامحها البريئة تأبى الطفولة ان ترحل و تخلي مكانها للمراهقة
انحنيت لاستفسر عن عينيها الدامعتين فاقتربت مني وقد انفجرت باكية..دب الرعب في أوصالي وانا استعد لتلقي أسوأ الانباء
"ما الخطب؟أخبريني"
اجابتني بصوت قطعته شهقاتها الباكية
"سم..ع..ته قال....وا...انا...لست..هكذا"
دفنت فجأة وجهها في صدري وكأنها تختبئ من شيء ما..ضممتها الي وانا اهدئ من روعها..
فهمت فيما بعد من خلال كلامها المتقطع ان زميلا لها بالقسم نعتها بالعاهرة ولذلك شعرت بالاهانة والالم..
"انت لست كما يصف؟" تهز هي رأسها بالنفي..و اقول أنا لنفسي:و كيف يمكن لطفلة بريئة مثلك ان تكون كذلك؟!
"حسنا اذن لا ينبغي لما قاله ان يؤثر فيك هكذا..ما قاله لا يعبر عنك ولكن يعبر عن الطريقة التي تعود زميلك ان يتحدث بها.." شعرت بها تهدأ تدريجيا..
اجتمع بعض من زملائها الذكور والاناث حولها متضامنين وهم يرمقون زميلهم "المعتدي" بنظرات غاضبة..
عرفت ان الشاب على الارجح تلفظ بما نسب اليه رغم اصراره على الانكار..وانه على الارجح وصف زميلته بالعاهرة ليس لانه يظنها كذلك و لكن فقط ليعبر عن استيائه وغضبه، اما منها او من واقع يعيشه لا علاقة لها به.
كان علي ان اتحدث الى الجميع عن ضرورة احترام مساحات الآخر وعدم الاضرار به حتى يكون لنا الحق في مساحة مقدسة خاصة بنا..
لكن ذهني شرد وانا افكر في جيل الشباب هذا الذي يعيد انتاج نفس اشكال العنف البغيضة السائدة: توجيه طاقة الغضب نحو الاخر،كما لو ان تحرير الذات من غضبها لا يتأتى الا بإيذاء الاخر.اقصاء و اختزال الأنثى اينما كانت في جسد الغواية والعار..فاي خلاف معها يؤول الى النظر اليها كعاهرة..هي وسيلة اللاشعور الجماعي لاخراس صوت المرأة و اقصائها..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق