الخميس، 13 أغسطس 2015

الفن كوسيلة لبناء الوعي الجمعي


بعد كل نقاش عن المنتوج التلفزيوني و السينمائي المغربي اصل دائما الى القناعة نفسها، كمشاهدة غير متخصصة اعتقد ان ما يعوزنا هو كتاب نصوص جيدة بالاضافة طبعا الى مخرجين مثقفين يملكون رؤية فنية حقيقية،لا ادري ان كان المتخصصون يشاطرونني هذا الرأي لكن اعتقد ان النص يكتسي اهمية كبرى (القصة، السيناريو والحوار)، في بعض المنتجات التلفزيونية و السينمائية الغربية يجعلك الحوار تنفتح على قضايا وتفكر و انت تتابع في الحلول الممكنة ثم تتأمل في حدود القراءة التي يقدمها المنتوج،حتى في الحوارات التي تجرى مع المخرجين و الممثلين تجد عبارة "نريد ان نجعل الناس يفكرون " تتكرر،بما يعني أن المنتوج الفني في النهاية وسيلة لتبليغ فكرة معينة و جعلهم بتفاعلون معها و ليس وسيلة لتكريس ثقافة الاستهلاك البليد، طبعا لا يعني هذا ان المنتجات الفنية الاجنبية تخلو من طابع تجاري او تتعالى عن الاسفاف دائما،لكنك تجد الى جانب المنتوج المبتذل منتجات اخرى تقع في مستوى تطلعات المتتبع الناقد والباحث عما هو هادف.
يمكن للفن ان يكون أداة قوية لتثقيف المشاهد بطرق ممتعة وهم في الغرب يدركون هذا بشكل جيد، عندنا يتتبع الكثيرون المنتوج فاغرين افواههم و لا يستوعبون منه سوى احداث القصة دون ان يعرفوا ما هي القضايا التي تنفتح عليها تلك القصص في قالب فني،اتذكر مسلسل الكرتوني "هيه آرنولد" وافكر انه ولا شك مرر لأطفال امريكا الكثير من قيم المواطنة والديمقراطية و غيرها من القيم الانسانية والكونية من خلال يوميات الطفل آرنولد و اصدقاءه وجديه وجيرانهما.
وقد شاهدت افلام انيميشن كثيرة تناقش افكارا انسانية بطرق رائعة،و ساعطي هنا امثلة لبعض مما شاهدت:
chicken run (وفيه تقرأ كمشاهد فكرة عن الايمان بالحق في الحرية وتقرير المصير حتى عندما تبدو العبودية واقعا طبيعيا و حتميا)
happy feet (ان تكون مختلفا عن بني بيئتك ليس سيئا بل يمكن ان يكون اختلافك اضافة تغني جماعتك او تنقذها)
horton hears a who ( هناك من الحقائق ما لا ندركه بشكل محسوس بالضرورة لكن هذا لا يمنع من الايمان بها وهي الفكرة التي بدت انثى الكنغر في الفيلم معارضة شرسة لها،اضافة الى الفكرة التي رددها الفيل هورتون خلال الفيلم : الحياة حياة مهما كانت صغيرة وفي هذا اشارة الى قداسة الحق في الحياة)
حسنا اعرف فيم تفكرون كلها امثلة عن منتجات كرتونية،انا احب الرسوم المتحركة هذا ليس سرا! émoticône tongue
لكن لو اردتم مثالا عن تحفة فنية اخرى اقترح عليكم الفليم الايراني winter sleep لثلاث ساعات يمكنك ان تشاهد و تتأمل حدود مواقف كاتب مثقف ازاء واقعه وهو بالمناسبة فيلم يمكنك مشاهدته مع افراد عائلتك دون ادنى احراج. émoticône smile
لست هنا بصدد رسم صورة مثالية للمنتجات الفنية الاجنبية اعرف الكثير من الامثلة التي تشهد على التحامل والتضليل بل والدعوة الصريحة الى الكراهية والتي تمارسها بعض المنتجات لكن ليس هذا موضوع هذه التدوينة،ما اكتبه هنا تعبير عن رغبة عميقة و ربما هي دعوة للكتاب الجيدين ممن يملكون الخيال الخصب والثقافة الواسعة والقدرة الادبية الكبيرة لخوض غمار تجربة الكتابة للتلفزيون والسينما، لماذا لا نصنع لاطفالنا وشبابنا ايقونات نابعة من محيطهم تتحدث لغتهم ،ترتدي لباسهم وتفكر في همومهم وتقترح عليهم حلولا ممكنة وتدفعهم للتفكير في المزيد منها؟ لماذا لا يفكر كل المؤمنون بضرورة التغيير بخلق احدى لبناته على مستوى وعي المشاهد بحيث تغدو قيم الاخاء و المساواة والعدل والحرية والمواطنة الفعالة وغيرها من القيم الاخلاقية والانسانية طبيعية ونابعة من معيشه اليومي؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق