الخميس، 24 مارس 2016

"ميت ڭلبو "



أتأمل النبتة وأملأ عيني من خضرتها الغضة، فتأخذني زهورها البنفسجية الجميلة الى المدينة الصغيرة حيث عشت طفولتي،هناك حيث أحبت النساء تزيين نوافذ بيوتهن بأحواض مصغرة من هذا الذي تسميه أمي "ميت ڭلبو " ، تزرعه الواحدة منهن فيملأ جنبات النوافذ فورا و يتدلى في سخاء على واجهة المنزل، لهذا سمي بهذا الاسم الغريب -تفسر أمي- أينما زرعته ينتشر و يزهر دون أدنى مجهود منك.
تطلب الأمر مني زمنا لكي أنتبه الى جحود البشر بهذا الشأن، فكرم نبتة تبهج العين بخضرتها وتسر القلب بجمال زهرتها يقابل عندهم بتسمية من "مات قلبه" ...ربما لهذا أخفقت طوال طفولتي في تذكر اسم النبتة، فكنت كلما رأيتها أقول لأمي: " شوفي ! ها هو "الطايب ڭلبو" !! " ،تضحك أمي طويلا ثم تعدل لي التسمية  وتعيد التفسير من جديد، أركض نحو النبتة دونما اهتمام و أتسلى بسحقها بين أصابعي لكي يسيل ماؤها و أنا أتوقع ان أرى قلبها "الطايب" او "الميت"..
لم أره في ذلك الوقت ولا أراه الآن وأنا أمعن النظر في النبتة أمامي و أمرر يدي برفق على زهورها فيما يشبه الإشفاق، كان بوسعي أن أنظر إلى خضرتها طوال اليوم، لكن لونا آخر في جانب من الحوض الكبير جذبني، لون بين الأصفر والبني..تلك كانت النبتة في خريف عمرها القصير..كوجه متغضن غادره الجمال وجف نبع شبابه الى غير رجعة.
أمرر أصابعي على النبتة المتيبسة وأفكر أن قليلا من الماء كان ليجعل خريفها أقل قسوة، قليل من الماء الذي وهبته خلال ربيعها بكل سخاء، لأجل أولئك الذين حظوا بحضورها البهي بأقل تكلفة  ثم ابتكروا لها دون اكتراث اسم من "مات قلبه".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق