الخميس، 15 أكتوبر 2015

سنة هجرية مباركة



الهجرة..تنطق هذه الكلمة باللغة العربية فتعني لك بمجرد نطقها أشياء كثيرة،أشياء قد لا تخطر ببالك بالضرورة لو نطقتها بلغة اخرى، مزيج يتعب الروح من الاسى والقلق وفراغ داخلي يخلفه التخلي-طوعا او كرها- عن كل شيء والتوجه نحو عالم مجهول بالنسبة للمهاجر..
تذكرك هذه الكلمة بالذين هاجروا، بالذين هاجرتهم او هجرتهم و هجروك، بكل الاشياء التي تمني نفسك بان تهاجر اليها او على العكس من ذلك بتلك الأشياء التي تسعى بجهد ان تهاجرها دون ان تفلح في ذلك..
ثم عندما تستيقظ في مثل هذا اليوم، يسرح بك الخيال بعيدا، الى رجل قرر مع رفاقه  قبل 1437 عاما ان يهاجر موطنا عزيزا على قلبه من اجل رسالة، بوسعك ان تتخيل سحر الإيمان في النفوس، فقد كانت الرسالة مشروعا روحيا وانسانيا ضخما،وكان محمد عليه الصلاة والسلام بشرا رسولا، لم ينزهه القرآن الكريم عن صراع المشاعر البشرية المتناقضة، وتحدثت الآيات الكريمة بأمانة عن مواقف كان فيها حمل الرسالة أثقل مما يحتمله إنسان، لكنه أدى الأمانة و بلغ الرسالة، وأثر في ملايين الناس منذ ذلك الوقت الى اليوم.
تتذكر كل هذا في مثل هذا اليوم، ولا تملك الا ان تشعر بالغبن وان ترى ان استرقاق الناس تم باسم رسالته،وقد جاءت في الاصل لتحريرهم،ان ذبح الناس لا زال يتم باسم رسالته،وما جاءت رسالته الا لتحرم دماءهم. ومن صلب أمته ظهر من جعلوا رسالته رسالات اختلفوا بشأن مصداقيتها واقتتلوا و نكل بعضهم ببعض،و صنعوا ذاكرة من حقد و تطرف وطلاب ثأر يتناسلون فلا ينتهي ثأرهم أبدا.
هاجر النبي عليه الصلاة والسلام من أجل الرسالة، كانت واحدة، لكنها كانت مثل السماء تسع كل البشر،واليوم ان أردنا ان نحبه بصدق،وان نسعده ونسعد به،فلنهاجر كل ما يبعدنا عن رسالته.
كم اتمنى ان نهاجر الاحقاد، الانانية، الجشع، الظلم، شح النفوس، الغدر،الاحساس الغبي وغير المبرر بتفوقنا على الآخر، اي آخر..
كم اتمنى ان نقرأ ونعيد قراءة رسالته فنرى فيها كوكبا بلا دمار،كوكبا بلا جوعى،كوكبا بلا مشردين،كوكبا بلا معذبين..
كم اتمنى ان تسعنا سماء عالم انساني ممكن جدا لو أردناه، بعدما ضاقت بنا أرض الدول بما رحبت.
كل عام هجري وانتم الى الرسالة أقرب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق