‏إظهار الرسائل ذات التسميات خواطر. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات خواطر. إظهار كافة الرسائل

الأحد، 28 يناير 2018

أنا حرة



أنا حرة.
ليس كأني، بهاتين الكلمتين الصغيرتين، أغزو عالم الخاضعين..
ليس كأنهما تمنحانني سيادة مطلقة على مصيري..
أنا حرة.
هذا ما تهمس به روحي وأنا أضع يدي في جيوب معطفي وأسير في طريقي نحو البيت.
بوسعي أن أتحسس النسيم البارد على وجهي بقشعريرة منتشية..
إنه مثلي، يمر عبر الأشخاص والأشياء و قلما يحتفظ بعبق روائحهم
بوسعه أن يتحول الى عاصفة كما قد يعود عليلا لطيفا..يعتمد الأمر على طبيعة الضغط "الجوي"
لا يمكنك ان تستوعبه في حيز مغلق و تتوقع منه ان يكون "نقيا"
أنا حرة.
ليس كأن هناك الكثير مما أسعى الى تحطيمه أو بنائه بهاتين الكلمتين.
ليس كأنه يعنيني إثبات شيء ببساطتهما الحاسمة.
ليس كأنهما تطمحان الى قطع رأس تنين العبودية الذي يصلى الناس ناره في كل مكان
أنا حرة.
مثل أي غيمة تمطر دون ان تعبأ بالوقت المناسب لغوث الحقول.
مثل أي نبتة تتفتح عبر شقوق الاسفلت.
مثل أي طائر لا يحتاج الكثير من التأمل لكي يفرد جناحيه و يحلق.
أنا حرة في سمائي..تأمل سماءك و لا تتردد كثيرا..حلق !

الأحد، 22 أكتوبر 2017

طاعة

من المؤكد أننا نعيش في عوالم مختلفة رغم انتمائنا جميعا الى العالم نفسه.من المؤكد ان كلا منا يستطيع ان يتنقل بقدر من السهولة بين عالمين أو أكثر ،لا يشعر بالانتماء الى اي منها لكنه يستقر بهدوء في عالمه الخاص دون ان تكون الحدود واضحة أو مفهومة بالنسبة للآخرين.
في عالم البداهات الثقافية الراسخة "الراجل راجل والمرا مرا" ، ماذا يفترض ان يعني ذلك لامرأة متعلمة ومستقلة؟ متى تكون قد غادرت أرض النساء و غامرت بدخول أرض الرجال المقدسة ؟
من المؤكد أن عوالمنا تتطور بسرعات متباينة رغم ان العالم نفسه يجمعنا، يحدث ان تنشأ المرأة في محيط لا يسعها فيه إلا الاعتماد على نفسها، تخطط و تقرر وتخطئ و تدفع ثمن الأخطاء ثم تواصل بناء عالمها لبنة لبنة، وكأي إنسان يتأمل ما شيدته يداه، تتأمل عالمها و هي تتساءل عما يمكن فعله لبقاء البنيان متماسكا، عن ضمانات سعادتها بما انجزته و بما يمكن اضافته لكي يكون بناؤها أكثر بهاء، يأتي الرجل ليسألها ببلاهة: "ما الذي يضمن له ان تكون مطيعة؟ "
امرأة سعيدة بحياتها،تحاول تجنب ما يكدرها،يسألها مخلوق قدم هكذا فجأة "من علم الغيب" فيما إذا كانت مطيعة ! حسنا ربما من الأجدر بهذا النوع من الرجال ان يبحثوا في أسواق النخاسة..فقد يجدون ضالتهم.
لماذا يحتاج هؤلاء الى امرأة مطيعة؟ لماذا يصيبهم الذعر إزاء المرأة المستقلة؟
ربما يجدر بنا ان نعود الى التنشئة الاجتماعية، حيث تبرمج الإناث على نمط وجودي واحد في الحياة،ان تكون امرأة أحدهم، ويبرمج الذكور على ان الإناث تحتجنهم وانهم بذلك يملكون سلطة عليهن.
ربما كان هذا امرا واقعا بالنسبة لمعظم الناس فيما مضى(ولا زال مع الاسف صادقا بالنسبة للبعض في يومنا هذا)، حيث تنتقل المرأة صبية يافعة الى بيت زوجها، دون مؤهلات علمية او مهنية تسمح لها بإعالة نفسها، فتكون في حاجة الى الزوج في كل أمور حياتها، ومهما بلغ من قسوة او طيش او ظلم الزوج فهي مطالبة ثقافيا بالصبر والطاعة.
غير ان الأوضاع تغيرت دون ان تتغير العقليات بالإيقاع نفسه، تستطيع ربة البيت ان تتحول الى امرأة عاملة لكي تساعد الزوج او تعوض غيابه في تولي نفقات الأسرة. و بالنسبة لشريحة من النساء، فإن استقلاليتها على جميع النواحي (وليس فقط من الناحية المادية) أمر تعيشه فعليا مدة طويلة قبل ان تقرر الزواج، سؤال الطاعة إذن يبدو في سياق العالم الذي تعيشه المرأة سؤالا غريبا ومضحكا الى حد ما. لم تعد المرأة مضطرة للتعامل مع هذه العلاقة غير السوية بالرجل، ولو أن الكثير من النساء يخترن بذكاء عدم التصريح بذلك ولا طرحه للنقاش مع شركائهن، يخبرن الرجال ما يتوقعون سماعه،و يتظاهرن بأنهن امتداد هادئ للجدات و لو انهن في الواقع لسن أبدا كذلك..
"ما الذي يضمن ان تكون المرأة مطيعة؟" انه سؤال مضحك لأنه لا توجد ضمانات في العلاقات الانسانية أولا، وثانيا لأنه لا توجد امرأة مطيعة، قد توجد امرأة ساذجة بما يكفي لكي تؤمن انها تزوجت أفضل رجل في تاريخ البشرية وبالتالي فإن عليها ان تنفذ ما يقوله بالحرف الواحد طالما انه يعرف كل شيء عن.. كل شيء،لا يخطئ أبدا و ينجح في كل ما يقوم به في أي وقت يقوم به ! او امرأة مضطهدة لا تملك خيارا آخر غير الطاعة في الوقت الراهن، لكن عندما تحين الفرصة المناسبة لا شيء سيمنعها من التحول الى كائن متوحش يمارس الاضطهاد في حق الرجل بلا رحمة.
ربما نحن بعيدون فعلا عن طرح الاسئلة المناسبة ونحن نهم ببناء نواة المجتمع واقصد الأسرة، ربما يفسر هذا جانبا من الأعطاب التي تحيط بنا من جميع الجوانب وفي كل العوالم التي نعيش ونتنقل بينها تائهين.

الجمعة، 15 سبتمبر 2017

انهيار



ثمة لحظات غريبة..حين تقف إزاء نفسك باندهاش الإنسان الأبدي إزاء المجهول. حين تكون انت انت لكن دون ان تكون ذاتك حقيقة..دون ان تكون ذاتك بالكامل..حين تشعر ان ثمة شيئا ما يتسرب من كينونتك كما يتسرب الماء من بين أصابعك دون ان تستطيع منعه..حين تشعر ان كل لحظة تمر تجعلك آيلا للسقوط أكثر  فأكثر..
تلك اللحظات حيث تفاجئك ملامحك في المرآة عادية جدا، و تسمع صوتك يعانق أصوات الآخرين بمرح، تعقب ذلك ضحكة رنانة تخرج من مكان ما فيك و يتلقاها الآخرون ضاحكين..وانت..انت تنظر الى كل ذلك ..وتشعر انك أبعد ما تكون عن كل ذلك..وان تفاصيل المشهد لن تنسيك حقيقة صارخة: ان ثمة انهيارا بداخلك..
تلك اللحظات حين ترى نفسك في عيون الآخرين كاملا.. بنيانا شيد على مهل تنطق تفاصيله بالصلابة و التحدي.. وترى نفسك آيلا للسقوط..هكذا فقط.. آيلا للسقوط.
سقوطك الذي يقترب كلما تأملت حجم الخراب بداخلك..سقوطك الذي يصير أقرب كلما تأملت كل غرف دواخلك المهجورة..بقايا أمتعة عششت بين ثناياها انواع الحشرات والقوارض..سقوطك الذي يصير حقيقة كلما طالت الرطوبة أعمدة البنيان..جدران الغرف..و أقفال الأبواب التي لم تنفع يوما لا في حماية عالمك من غزو الغزاة و لا في إقناع الراحلين بالعدول عن الرحيل.كل شيء يصدأ..كل شيء يتعفن..كل شيء يتحلل في رحلته المحتومة نحو العدم.
ثمة لحظات غريبة..حين تقف إزاء بنائك الآيل للسقوط و بخبرة مقاول ضليع تتحرك عيناك المدربتان في كل الاتجاهات..فتقدران بمهارة كلفة تجديد شامل دون ان تفلحا في اقناع يديك بالعمل على ترميم اي شيء فيك..
ثمة لحظات غريبة تملأ دواخلك برفض محض..تصير لاءاتك حقيقتك البسيطة و الاصيلة في زمن التيه، وحدها بناءاتك التي شيدتها على مهل ردحا من الزمن لتصير شيئا خارجيا غريبا عنك تماما، وحدها تلك البناءات التي نسبتها الى نفسك فيما مضى و اغتربت فيها وبسببها ولنقل بفضلها، وحدها تلك البناءات ستبقى شاهدة على حقيقة غربتك وحقيقة انهيارك..وحدها تعرف جيدا لماذا لم يعد اي شيء يستحق.

الأحد، 21 مايو 2017

أحقاد



ينبغي ان تواجه العالم بقلب طفل صغير كي تخرج من معاركه بأقل الخسائر الممكنة..
قلب طفل، هذا ما يتطلبه الأمر، وان استطعت ان تمتلك عيون طفل أيضا لكان ذلك رائعا.
لا يكفي ان تحاول الفهم..بإمكانك ان تدرس وتحلل كثيرا لو شئت،لكنك أحيانا كثيرة ستنهي رحلة بحث مضنية أمام جدار عال من الغموض واللامعنى،جدار يمتد امامك بكل برود و بلا ادنى اكتراث لحرقة السؤال و تشظي الذات السائلة..
قلب الطفل يواجه الأحقاد بضحكة صافية، مثل ظبي صغير يتقدم بحماس نحو  لبؤة شرسة، يلاعبها غير مدرك لخطورة أنيابها البارزة فيربك هجومها و يوقظ فيها غريزة الأمومة بدل غريزة الافتراس.
لا تشغل بالك كثيرا بالتفكير في منبع الأحقاد التي تملأ العالم، لن تحصي كل المنابع و قد تموت بنيران صديقة قبل ان تكتشف السر.
ابق فقط على قلب الطفل بداخلك لكي تجد متسعا للضحك على هذا العالم البائس قبل ان تموت كمدا من اجل لاشيء

الأحد، 12 فبراير 2017

قبور



أتأمل ما تبقى من العام و هو ينسحب إلى الماضي ببطء كما تتسرب الحبات بهدوء الى أسفل ساعة رملية.ما إن تستقر في القعر لا يعود في إمكانك تمييز أي منها سقطت أولا، وأي منها قاومت إلى آخر لحظة...كذلك لحظات وجودك عندما تستقر في الماضي، تبهت جميعا،وتشبه الأفراح و المصائب بعضها بعضا، تصير مشاهد من زمن آخر فقدت كل قدرة على إثارتك،بوسعك للحظات أن تتأملها كما لو أنها تخص شخصا آخر غيرك لولا أن ملامحك تطالعك بإلحاح في كل مشهد منها.
ما الحكم التي نجنيها مقابل المكوث طويلا في عالم غريب كهذا؟
في كل انتصار هناك هزيمة كامنة، لن يطول انتشاؤك كثيرا فالانكسارات تتكشف بتشف متحدية قدرتك على تدبيرها.
الأفراح، مثل طرود بلا عنوان، تدفع الكثير من أجلها احيانا، فلا تصلك أبدا، كما لو ان الطرد أخطأ وجهته،هكذا بكل بساطة، ثم من حين لآخر تطرق بابك متلهية بتعابير المفاجأة على محياك، بابتهاجك الأبله بسعادة غير متوقعة.
الحب يأتيك معبأ مع كل نواقضه التي يمكنك ان تتخيلها، مع شيء من الكراهية، قليل من التشفي، بضع جرعات من القسوة و كثير..كثير جدا من التملك.
قلبي تلك الأرض التي تجد نفسها من حين لآخر مسرحا لحروب لا تعنيها في شيء، هي دوما بلا اي سياج يحمي حدودها، تتأملهم و هم يدخلون ترابها ، يعمرون زمنا، يطيب لهم المقام فيعتقدون ان لهم صك ملكية  يحاجون به الملاك الآخرين.عندما يغادرون و قد فهموا - أو لعلهم لم يفهموا أبدا- أن الأرض لم تكن يوما ملكا لأحد، تبهت ذكراهم و لا يتبقى منها غير شاهد غرس نفسه بعمق خذلانهم.
امتلأت جنبات أرضك يا قلبي بالكثير منها،شاهد هنا،شاهد هناك،  "أصدقاء وعائلة" تجندوا لتحيين فهمك لمصطلحات : التعاطف، المحبة، العطاء. صرت تجيد الامتنان للجرعات القليلة من كل ذلك في سيل اللامبالاة و البغض المجاني و الانانية التي تهدد باغراق روحك على الدوام.
"ثمة الكثير من الحواجز إليك" يقول القادمون الجدد، هل يكون من اللطيف إخبارهم انها ليست حواجز و إنما قبور؟