الاثنين، 3 مارس 2014

لو كان الماضي..... لوحة

لو كان الماضي لوحة..وكنت انت الفنان..بيدك الريشة والالوان..اي التفاصيل من لوحة الامس ستغير؟ ربما  تبتكر خلطة جديدة من الالوان..ربما تجرب لعبة جديدة على الظلال...
لو كان الماضي لوحة..وكنت انت الفنان...هل ستتوقف كثيرا امام لوحة الامس؟ ربما تتوقع ان تجد اجابة لاسئلتك الكثيرة..لماذا مثلا كانت البدايات مجيدة و واعدة ثم انتهت الى... لا شيء؟ ومع انجذابك للغموض وما يثيره فيك من تحد تريد ان تفهم كيف يمكن لالوانك القاتمة ان تعطي بكرم نقاء الابيض و دفء الوردي و كل التوازن في اخضر طبيعي طري؟ كيف تتحول الوانك نفسها من العطاء والغنى الى بؤس الأسود وكآبة الرمادي وعنف الاحمر الدموي؟
لو كان الماضي لوحة...وكنت انت الفنان..لن تكون مضطرا  للوقوف عند  لوحة الامس كثيرا لكي تجد اجوبتك..قم فقط بتأمل يديك..فعليهما آثار كل الالوان..قصة اللوحة حاكتها يداك من بداية الرحلة الى النهاية..
لوحة الامس جفت ألوانها ونطقت بما فيها.. وبوسع اي مبتدئ في الفن ان يقول لك الا تغير فيها شيئا..الكل يحذر من العبث بالذاكرة..حتى في افلام الخيال العلمي حيث يخترعون شيئا اسمه آلة الزمن..
لو كان الماضي لوحة..وكنت انت الفنان..وكنت تردد انه في الماضي لحظات لا تتكرر أبدا..دعني اذكرك ان الحنين الى الماضي يُسكِنك فيه...و يحرمك من قطعة من الزمن لا تتكرر ابدا..الحاضر..حاضرك..
لو كان الماضي لوحة...وكنت انت الفنان.. لو كانت لديك ريشتك والمزيد من الالوان..ربما الاجدر بك ان تترك مكانك.. وتحمل عدتك الى لوحة جديدة بيضاء..كل لحظات الماضي بانتصاراتها وهزائمها رسمت بالوان ابدية على يديك..قبل ان ترسم اي شيء جديد..تأمل الصفحة البيضاء جيدا..هنا..اي شيء تضعه هو ملك لك بشكل ابدي..هنا..انت لا ترسم اشخاصا و اشياء أو اماكن فقط..انت ترسم ذاتك..تكشف اعمق ما فيها..لا يمكنك الاختباء خلف الالوان..هي تفضحك ان حاولت..كل لوحة هي خيار..تأمل جيدا اي خيار تصنعه ريشتك..بوسعك ان ترسم لوحة ممتعة ببهرجة الوانها  لكنها في زمن المتع تضيع بسهولة في صخب المعيش...بوسعك ان تتجرأ على رسم ما لم يرسمه احد من قبل..فقط لمتعة التحدي..بوسعك ايضا ان تختزل غنى العالم في فكرة تنطق بها لوحاتك.. بوسعك ان تحول معرضك الى مدرسة يقصدها المتعطشون للانسانية..و ينحنون بعدك بقرون لعبقرية فنك...و يشيرون الى لوحاتك قائلين: هذا ليس مجرد فنان..انه اكثر من ذلك..انه انسان..اشباه البشر يرسمون شيئا شبيها ب "سمايلي" على وجوه أفاقة بلا ملامح..اما هو فيعرض بصدق معاركه على لوحاته..ليس انسانا لانه الاكمل..بل لانه في حرب مستمرة على برودة القسوة و الانانية، على قتامة الحقد والاستغلال،على عبثية العنف،على عبودية المتعة..ليس الاغنى بما يملكه..بل هو الاغنى بما يكونه...
بياض اللوحة امامك يهبك فيضا من  الامكانيات بكل كرم البدايات الجديدة..عدة الرسم بين يديك تذكرك انه لديك ما يلزم للبدء ...هنا والان..خذ ريشتك و ارسم خيارك..وان شئت، من حين لآخر، الق نظرة على لوحة الامس..وان شئت مارس لعبة النسيان...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق