الأحد، 11 أكتوبر 2015

مقدسي



في العمق، كان يجب ان يكون صراعا من أجل الانسانية
في الواقع، بدأ كصراع عربي اسرائيلي
تحول الى قضية فلسطينية
ثم تدريجيا الى صراع فلسطيني-فلسطيني
توالى المنسحبون تباعا
أخيرا وجد المقدسي نفسه وحيدا إزاء محتل لا يستحيي،لا يهدأ، ولا يرحم
بزي جندي تارة و بزي مستوطن تارة أخرى
كالعادة،عميت العيون عن مشاهد الإهانة اليومية،الاعتقال التعسفي المستمر، والقتل البشع
كل الخطابات حول حقوق الإنسان تصبح ترانيم لا تجمع بين البشر الا في مملكة السماء
وعندما يجيب المقدسي بكل قهر المشردين في شوارع الحسابات السياسية،
بكل العتمة في الأرواح الضالة عن نور السلم والحرية،
عندما يجيب المقدسي،يتحدثون عن إرهاب شعبي
هل خيل إليكم حقا أن هذا الذي ولد من رحم الانتفاضة، ورضع حلم الوطن، وتعلم المشي على درب الحرية، ونطق أول كلماته من قاموس المقاومة،هل خيل إليكم ان يصبح مملوكا لوهم السلام مع محتل لا يعرف معنى السلام؟
هل خيل إليكم أن هذا الذي حكم عليه النفاق العالمي بذاكرة من حرب،ذاكرة من دمار،ذاكرة من لا شيء وكل شيء الا من وطن،هل خيل اليكم ان يشكر نعمة الحياة في ظل الاحتلال؟ان يمتن لاعتقال الاطفال؟ ان يركع لحكام الظلال؟
انشغلوا بالتفكير في الأسماء والمسميات
للمقدسي معركة حياة،وهو يخوضها على اي حال
اذا ما التقطت عدساتكم صورا له، يبتسم،فهو بخير.
لكنكم أيها المنافقون بشأن الانسانية لن تكونوا أبدا كذلك..

الاثنين، 5 أكتوبر 2015

سياسة "هن"



المرأة والسياسة، فاتنتان تمتعت كل منهما عبر تاريخ المجتمعات البشرية بسحر خاص في عقول الرجال. بصعوبة وعلى مضض تقبل هؤلاء اجتماعهما معا في شخص امرأة سياسية، فالنساء اللواتي مارسن السياسة بجدارة لطالما اعتبرن استثنائيات في عالم ذكوري محض.
تتطلعين الى نساء العالم "المتقدم" وتتصورين انهن محظوظات لأن بوسع الواحدة منهن ان تلج عالم السياسة بكل يسر ودون تمييز،ربما تعيدين النظر اذا علمت انهن لم ينلن حق التصويت في معظم البلدان الاوروبية الا بعد الحرب العالمية الثانية اي بعد ما يقارب القرنين على الثورة الفرنسية التي اعلنت حقوق الانسان و المواطن دون ان تعتبر مع ذلك المرأة كائنا كامل المواطنة بحيث يكون لها صوت سياسي مسموع، وقد دفعت الفرنسية "اولمب دو روج" حياتها ثمنا لمطالبتها بذلك.
لو بحثت في تاريخ المجتمعات قديمها و حديثها لوجدت أسماء لنساء مارسن بشكل او بآخر تأثيرا مباشرا او غير مباشر على المناخ السياسي في بلدانهن، سواء كن ملكات حكمن بلدانهن بشكل فعلي، محاربات قدن جيوش الرجال في الحروب او كن مقربات بشكل او بآخر من دوائر الحكم، لكنهن كن دوما قلة قليلة مقارنة بالرجال، ملاحظة كهذه تبين لك أن النساء في كل مكان عبر التاريخ خضن معارك  قاسية –على رمزيتها- لإيجاد موطئ قدم لهن في عالم السياسة و إسماع أصواتهن، كان عليهن في كل مرة تكسير الأفكار النمطية والنماذج الجاهزة التي تصورهن اجساما جميلة لم تخلق الا للمتعة و انجاب الاطفال.ولذلك استلزم الأمر نساء بقوة وذكاء استثنائيين احيانا كثيرة.
تتعدد مبررات الإقصاء، لكن الهدف كان دائما  الإبقاء على مقاليد الحكم و صناعة القرار في أيدي أقلية هي الطبقة المتنفذة، واستبعاد المرأة يعني التخلص دفعة واحدة من نسبة مهمة من الساكنة، لذلك اعتنت كل ثقافة على حدة بصياغة تصورات تبرر عدم أهلية النساء للمشاركة السياسية، في هذا السياق سنجد ان المجتمعات الإسلامية طوعت الموروث الديني أحيانا كثيرة لإبقاء النساء خارج صناعة القرار.وينبغي ان نقول ان الممارسة التاريخية للمسلمين شكلت في محطات عديدة ارتدادا عن المكاسب التي حققها الإسلام للمرأة والتي كانت في ذلك الوقت ثورية بكل المقاييس، لن اتحدث هنا عن القطع مع سلوك الوأد،او استقلالية الذمة المالية للمرأة وجعلها تتمتع بحرية في التصرف في مالها بيعا و شراء دون وصاية الرجل،كما لن أتحدث عن ضمان حقها في الإرث الى حد جعلها في وضعيات محددة ترث اكثر مما يرث الرجل،سأتحدث عن شيء يعنينا في هذا السياق، مبايعة المؤمنات للرسول عليه الصلاة والسلام المذكورة في الآية 12 من سورة الممتحنة وهي دليل قرآني صريح على أهلية المسلمة كمواطنة كاملة المواطنة، تعرض عليها قواعد محددة و يطلب منها اعلان موافقتها عليها ما كانت ضمن الاستطاعة و المعروف، صحيح ان المجتمع الاسلامي الناشئ قبل 14قرنا لم يكن يتبنى نظاما تمثيليا وممأسسا مماثلا لما تشهده عصورنا الآن، لكن في ذلك الوقت،وربما مبكرا جدا بالنسبة لمعظم المجتمعات، كان للمرأة صوت سياسي وإرادة وقدرة على الاختيار  تؤخذ بعين الاعتبار.
حاليا يقاس تقدم المجتمعات على مستوى التنمية البشرية من خلال مؤشرات عديدة من بينها مدى تمكين المرأة، و تناضل النساء في كل بقاع العالم من اجل الحصول على تمثيلية اوسع في المجالس والهيئات المنتخبة،وحتى في العالم الغربي "المتقدم" لم تكن نسب الحضور النسائي على مقاعد البرلمانات والوزارات لترتفع لولا اتخاذ اجراءات استثنائية تقضي بتخصيص عدد محدد من المقاعد لترشيحات النساء (او ما يعرف بنظام الكوطا)،اجراءات بنيت على قناعة بجدوى التمييز الايجابي لصالح النساء لتسهيل ولوجهن الى مراكز القرار وذلك مع التطلع لتحقيق المناصفة التي تجسد بالنسبة للكثيرين مؤشرا عمليا دالا على المساواة بين الرجل والمرأة كمواطنين من الدرجة الاولى.
في المغرب وعلى غرار الدول العربية الاخرى،تسلط الأضواء في كل تجربة انتخابية على عدد ترشيحات النساء وعدد المقاعد التي حصلن عليها، خصوصا بعد أن أقر الفصل 19 من دستور 2011 على المساواة بين الرجل والمرأة كمواطنين في الحقوق والواجبات كما التزم بتحقيق  المناصفة ومحاربة أشكال التمييز باحداث هيئة خاصة لهذا الغرض، اضافة الى تفعيل صندوق الدعم المخصص لتشجيع تمثيلية النساء، بناء على ذلك يقيس الكثيرون باهتمام شديد التقدم الذي يحققه المغرب في هذا المجال من خلال نسب حضور النساء في المجالس الجماعية ومجالس الجهات والبرلمان وغيرها من المؤسسات المنتخبة.
من المهم ان ندرك في هذا السياق ان التركيز على نسب التمثيلية النسائية في المجالس المنتخبة يقزم المشاركة السياسية للمرأة و يختزلها في بعدها الحكومي، لا يعني هذا انكار أهمية ما تحقق الى حد الآن،بل التحذيرمن  الهوس بالأرقام الذي قد ينتهي الى جعل حضور النساء صوريا و غير مؤثر بشكل فعلي.
من جهة ثانية فلو وسعنا دلالة المشاركة السياسية للمرأة لوجدنا انها تتضمن أيضا جهود النساء في منظمات المجتمع المدني التي تضع الاصبع على مكامن الخلل في الأداء الحكومي وتضطلع بدور المراقبة والنقد احيانا،كما تفتح احيانا أخرى النقاش حول عدد من القوانين التي  ينبغي تعديلها او تجاوزها.
ان كنت تقرئين هذا المقال الآن و تفكرين انك لا تهتمين كثيرا لشؤون السياسة، دعيني اوضح لك اولا انه لا علاقة لفكرتك هاته بكونك امرأة، كثيرون من الرجال أيضا لا يحفلون بالسياسة و لا يتعبون اذهانهم لفهم خيارات السياسيين، و دعيني اخبرك ثانيا -كما اخبر الرجل- انه بغض النظر عن اهتمامكما بالسياسة من عدمه، ستتدخل السياسات العمومية في كثير من مناحي حياتكما كمواطنين، سواء تعلق الأمر بسعر الخدمات التي توفرها الدولة،او جودتها او التدابير المتخذة لحماية حقوقكما من الانتهاك.
يشعر البعض –رجالا و نساء- انهم سيخلقون التغيير نحو الأفضل من داخل الحكومات و المجالس التشريعية، فيمارسون العمل السياسي الذي يمنحهم السلطة اللازمة للتحرك والعمل.فيما شريحة واسعة من الناس لا ترغب في جعل السياسة مهنة او انشغالا دائما، مع ذلك فهم  يملكون سلطة في الغالب لا يعونها واذا فعلوا لا يقدرونها حق قدرها.
ان تحدثي تغييرا تاريخيا في وطنك لا يعني بالضرورة ان تكوني ملكة تفكر من خلال تاج الحكم او محاربة تفرض بقوة السلاح ارادتها، لا يستلزم دوما ان تقودي حملة انتخابية لاقناع الناس بالتصويت لصالحك، ربما بدأ الأمر معك على مقعد حافلة كما حدث  عام 1955م مع روزا باركس، الامريكية من اصول افريقية التي  رفضت ترك مقعدها لراكب ابيض رغم امتثال ثلاثة رجال سود لأوامر السائق العنصرية والقاضية باخلاء اماكنهم للركاب البيض.كلما احتاجته روزا باركس هو ايمانها الاصيل بكرامتها الانسانية و بمساواتها مع غيرها من المواطنين في الحقوق والواجبات.لذلك نطقت كلمة صغيرة سيتردد صداها الى الأبد: "لا"
تذكري ان تتمسكي بحقك في الرفض كلما صادفت وضعا مهينا،استغلالا، قانونا غير عادل، او خدمة اقل جودة  مما تستحقه  انسانيتك، سيبدو الأمر شخصيا في البداية لكنك لن تتخيلي حجم الضغط السياسي الذي قد تحدثه لاءات الناس عندما تجتمع.
تذكري ان المستبدين،والجلادين،والفاسدين، والمتعصبين،والارهابيين،والخونة،والقتلة،وقطاع الطرق،والمغتصبين، والمتحرشين، واللصوص، والغشاشين، والمحتالين،والانتهازيين،و كل من يشكل سلوكه تهديدا او انتهاكا لحرمة الانسان وحقوق و خيراته، كل واحد من هؤلاء قدم الى هذا العالم من رحم امرأة، حملته بين ذراعيها قطعة لحم لا تعي من امر وجودها شيئا، كل الشرور التي تغمر العالم، بدأت بشكل ما من منازلنا،لذلك فأعظم مشاركة سياسية ان تدركي هذه الحقيقة و تعيشي وفقها،لذلك أيضا وأنت تقررين انشاء اسرة، اهتمي باختيار الشريك المناسب، اهتما معا بتنشئة اطفالكما على تقدير الانسانية الكامنة في كل انسان بغض النظر عن جنسه او عرقه او اي اعتبار آخر، على احترام ممتلكات الغير، على الامانة والمسؤولية ،على التسامح..و على غيرها من القيم التي تحبين ان تعاملي وفقها.
وطن أفضل، ان استطعت ان تحققي من هذا الهدف شيئا من تحت قبة البرلمان او في دواليب الحكومة فذلك لن يكون جديدا على مخلوق ذكي مثلك، والم ترغبي في ذلك تذكري ان بوسع الوطن ان يكون بحجم البيت، بيتك، وكلما كان بيتي و بيتك و بيت الآخر مدرسة يتخرج منها المواطنون الشرفاء كلما كان الوطن الكبير بخير.
تذكري اخيرا وانت تقرئين هذا ان لحديث القوارير دوما بقية.


الثلاثاء، 29 سبتمبر 2015

فقد



من بين كل الأشياء الكثيرة التي قد تملأ وجودك من ضجيج حضورها، لا ترى عيناك الا ما غاب عنهما في الغالب.لا تنصت أذناك في صخب الحياة الا الى السكون القادم من مكان عميق في فؤادك.
هي لحظة-وربما لحظات- بطعم الفقد.
لا يهم بأي لسان تتحدث، لا يهم كم الكلمات التي تستعمل، لا يهم ان كانت الكلمات نفسها التي يستعملها الآخرون كل يوم بشكل اعتيادي، عندما تتحدث لغة لا يتحدثها غيرك ممن علموك استعمال الكلمات والحروف اول مرة، عندما تستخدم بشكل عفوي لسانا لا يفهمه غيرك ممن تضع عليهم في شبكة علاقاتك علامة "اصدقاء" ،عندما ترتب كلماتك على نحو فريد استجابة للحن لا يسمعه غيرك،وانت في قمة التيه بما تسمع، تشعر بطعم الفقد.فهم يغيبون الواحد تلو الآخر متى واصلت البوح.
عندما تضطر لاتخاذ قرارات مصيرية وتعرف ان نتائجها قادمة لا محالة،وان عليك وحدك ان تتحمل تبعات القرارات الخاطئة،ستشعر حتما بطعم الفقد، الطفل الذي كنته يوما ما لم يعد له وجود،لا يمكنك ان تدع احدا آخر يقرر بدلا عنك،ولا يمكنك ان ترمي بمسؤولية وجودك على شخص غيرك.
عندما ترى الجميع يعرقون ماء و دما لأجل بناء صروح من أشياء، تتلاقى نظراتكم، تتلامس أياديكم، تنساب اصوات بعضكم الى آذان بعض، تتحدثون، تضحكون، ترسمون صورا عن المستقبل، كل شيء يؤكد بأنكم هنا، بأن وجودكم معا شيء حقيقي، مع ذلك يغالب كل منكم  شعورا  متأصلا بالعزلة، شعورا غير مفهوم بأن كلا منكم ينظر الى الآخر طيلة الوقت دون أن يراه،حينها يتعمق لديك شعور فظيع بالفقد.
روابط غريبة تجذبك الى تذكر من غادروا هذا العالم الى غير رجعة، كل تفاصيل حضورهم في وجدانك تعمق احساسك بغيابهم،تستنجذ عيناك بالحاضرين الذين لم يغيبهم الموت عنك و لم يغيبك عينهم،لكن لا يبدو ان ثمة رابطا يذكر بتواجدكم في العالم نفسه.
يتوالى الحضور و الغياب، يتزامنان،تعيش احدهما بالرغم من الآخر، واحيانا تعيش احدهما بفضل الآخر،إلم تعلمك لحظات الفقد درس الامتنان فلاشيء سيفعل، كلما عشت الفقد مجددا ستتذكر ان تثمن ما لديك بشكل افضل، كل ما هو هنا،يمكن في لحظة ان يكف عن الوجود،وان حرصت بما يكفي الا تفقد ذاتك عندما تعصف بك رياح الخسارات،ستدرك بما يكفي ايضا انك الجذر،وكلما انكسرت منك اغصان او ذبلت اوراق أزهرتَ غيرها يانعة مبهجة مفعمة بالحياة.

الأربعاء، 16 سبتمبر 2015

ندوب

لا أدري لماذا من حين لآخر نحب ان نقفز عبر الزمن؟ نبحث عن ندوبنا القديمة،و كأي مازوشي، نتحسس الجروح الغائرة عميقا في أرواحنا،تلك التي بدأت ذات يوم كخدش بسيط على أدمة أيامنا،ولم ندر أي لعنة حولت كل المراهم في ايدينا الى شفرات حادة لا ننتبه الى جوعها الا بعد ان تروي نصلها وتروي الارض بمزيد من دمائنا.

السبت، 12 سبتمبر 2015

تائهون عن انسانيتنا

يجلسون بأريحية خلف شاشات حواسيبهم او هواتفهم المحمولة او لوحاتهم الالكترونية،يمررون اصابعهم من خبر الى خبر ضجرين بعدما أشبعوا بطونهم،يتجشأون بصوت مسموع جدا دون أن يقلق أمنهم شيء.
يتوقفون مثل غربان شؤم عند أخبار الموت،ينشرون صور الجثث، يسجلون اعجابهم بمنظر الصرعى،يمططون شفاههم تقرفا من منظر الدماء و دموع المكلومين،إن حدث وكان الواحد منهم ساعة وقوع حادثة او اعتداء فإن أول ما يفعله هو تسجيل فيديو لكل شيء، لا يعرف رقم الاسعاف،ولم يفكر قط في تقديم اسعافات أولية،و لم يحدث ان جرب الاتصال بالشرطة،ومع كل ذلك يستمر في تسجيل الفيديو و هو يتذمر بصوت مرتفع من سيارات الاسعاف التي لا تأتي أبدا و عن "الحناش" الذين لا يغادرون دائرة الأمن الا عندما يكون هناك دم.
يتوقفون كثيرا عند أخبار الفضائح، يحبون مشاركة فيديوهات وصور الاعتداء،و يدخلون مناقشات حامية كلما مات الناس بالجملة في مكان ما من العالم: ما دينهم؟ ما لونهم؟ ما جنسهم؟ ما كانوا يفعلون هناك؟ هم يستحقون اكثر..والمدافع عنهم ينبغي ان يموت معهم
كلما قرأت ترهات مشابهة يكبر مارد غضبي لكنه لادبي لا يخرج من قمقمه،و اشتهي...نعم اشتهي ان يجد الواحد من هؤلاء نفسه دون سابق انذار في ساحة حرب اعزل من كل شيء: من بيته،من هاتفه المرتبط بالنت،من عشيرته،من كل شيء ،اعزل الا من انسانيته،فيتعلم ان كان في جوفه شيء من حب بقاء ان يصنع منها درعا يدفع به الرصاص الذي يتهاطل عليه من كل الجوانب دون ان يستوعب لماذا اوكيف؟ ان يغزل منها كلمات تطير كالحمائم الى قلوب المحتلين والمعتدين علها تقنعهم برغبته في الحياة..
نعم اشتهي ان يجد الواحد من هؤلاء نفسه في واد ضاق بمياهه كما ضاقت نفوسهم باعطابها..عله يرمي نظرة استعطاف الى الناس في الضفة دون ان يجدهم منشغلين عن نجدته بتسجيل فيديو احتضاره
نعم اشتهي ان يجدوا انفسهم فجأة في احدى حلقات "البعد الخامس" فيجد كل واحد منهم نفسه مع الذين نشر صورهم وفيديوهاتهم في قلب الحدث، أيا كان الحدث، حربا او حريقا او فيضانا او سقوط رافعة ،دعهم يعيشوا اللحظة كي يتحدثوا عن دراية،دعهم يعيشوا التجربة كي يكون لتعليقاتهم معنى، دعهم يرجعون من قلب الحدث لكي يخبرونا ما الفرق بين روح تزهق من جسد هذا و روح تذهب الى بارئها من جسد ذاك..

الجمعة، 11 سبتمبر 2015

نحو الانساني

الطريق الى الانسانية غير ممكن بدون وعي..و مضَلِل جدا بدون فعل يلبس هذا الوعي رداء الممكن و المحسوس..
الأفكار التي لا تضعنا على الطريق الى الانسانية تشبه نجوما في الفضاء السحيق،يسطع نورها في سماء ليلنا بينما أفل النجم منذ زمن في مكان ما من الفضاء
انها مثل حرية تأبى ارضاع الثوار
مثل عدالة تعاف دموع المظلومين
مثل حب عاجز عن ترويض الوحوش بدواخلنا
مثل انتصار حقيقي في معركة وهمية
حيث يغدو كل شيء موجودا بالتحديد لأنه غير موجود

حِكَم

في هذا العالم، ندين بكل حكمتنا للشقاء والعبث و اشباههما..لا حكمة في السعادة و السكينة على ما يبدو، كل حكمنا تأتي قبلهما او بعدهما.
في اللحظة التي نشعر فيها باكتفاء حقيقي لا نتفلسف بشأن الوجود،نعيش اللحظة وحسب
دموع المقهورين، دماء المغدورين،أشباح من غادروا قسرا،ومن تشردوا دهرا، وأشياء اخرى كثيرة تجعلنا نفكر في حكمة ما تجعل كل ذلك ممكنا، في خلاص ما يجعل كل ذلك ضروريا.