الاثنين، 3 مارس 2014

لو كان الماضي..... لوحة

لو كان الماضي لوحة..وكنت انت الفنان..بيدك الريشة والالوان..اي التفاصيل من لوحة الامس ستغير؟ ربما  تبتكر خلطة جديدة من الالوان..ربما تجرب لعبة جديدة على الظلال...
لو كان الماضي لوحة..وكنت انت الفنان...هل ستتوقف كثيرا امام لوحة الامس؟ ربما تتوقع ان تجد اجابة لاسئلتك الكثيرة..لماذا مثلا كانت البدايات مجيدة و واعدة ثم انتهت الى... لا شيء؟ ومع انجذابك للغموض وما يثيره فيك من تحد تريد ان تفهم كيف يمكن لالوانك القاتمة ان تعطي بكرم نقاء الابيض و دفء الوردي و كل التوازن في اخضر طبيعي طري؟ كيف تتحول الوانك نفسها من العطاء والغنى الى بؤس الأسود وكآبة الرمادي وعنف الاحمر الدموي؟
لو كان الماضي لوحة...وكنت انت الفنان..لن تكون مضطرا  للوقوف عند  لوحة الامس كثيرا لكي تجد اجوبتك..قم فقط بتأمل يديك..فعليهما آثار كل الالوان..قصة اللوحة حاكتها يداك من بداية الرحلة الى النهاية..
لوحة الامس جفت ألوانها ونطقت بما فيها.. وبوسع اي مبتدئ في الفن ان يقول لك الا تغير فيها شيئا..الكل يحذر من العبث بالذاكرة..حتى في افلام الخيال العلمي حيث يخترعون شيئا اسمه آلة الزمن..
لو كان الماضي لوحة..وكنت انت الفنان..وكنت تردد انه في الماضي لحظات لا تتكرر أبدا..دعني اذكرك ان الحنين الى الماضي يُسكِنك فيه...و يحرمك من قطعة من الزمن لا تتكرر ابدا..الحاضر..حاضرك..
لو كان الماضي لوحة...وكنت انت الفنان.. لو كانت لديك ريشتك والمزيد من الالوان..ربما الاجدر بك ان تترك مكانك.. وتحمل عدتك الى لوحة جديدة بيضاء..كل لحظات الماضي بانتصاراتها وهزائمها رسمت بالوان ابدية على يديك..قبل ان ترسم اي شيء جديد..تأمل الصفحة البيضاء جيدا..هنا..اي شيء تضعه هو ملك لك بشكل ابدي..هنا..انت لا ترسم اشخاصا و اشياء أو اماكن فقط..انت ترسم ذاتك..تكشف اعمق ما فيها..لا يمكنك الاختباء خلف الالوان..هي تفضحك ان حاولت..كل لوحة هي خيار..تأمل جيدا اي خيار تصنعه ريشتك..بوسعك ان ترسم لوحة ممتعة ببهرجة الوانها  لكنها في زمن المتع تضيع بسهولة في صخب المعيش...بوسعك ان تتجرأ على رسم ما لم يرسمه احد من قبل..فقط لمتعة التحدي..بوسعك ايضا ان تختزل غنى العالم في فكرة تنطق بها لوحاتك.. بوسعك ان تحول معرضك الى مدرسة يقصدها المتعطشون للانسانية..و ينحنون بعدك بقرون لعبقرية فنك...و يشيرون الى لوحاتك قائلين: هذا ليس مجرد فنان..انه اكثر من ذلك..انه انسان..اشباه البشر يرسمون شيئا شبيها ب "سمايلي" على وجوه أفاقة بلا ملامح..اما هو فيعرض بصدق معاركه على لوحاته..ليس انسانا لانه الاكمل..بل لانه في حرب مستمرة على برودة القسوة و الانانية، على قتامة الحقد والاستغلال،على عبثية العنف،على عبودية المتعة..ليس الاغنى بما يملكه..بل هو الاغنى بما يكونه...
بياض اللوحة امامك يهبك فيضا من  الامكانيات بكل كرم البدايات الجديدة..عدة الرسم بين يديك تذكرك انه لديك ما يلزم للبدء ...هنا والان..خذ ريشتك و ارسم خيارك..وان شئت، من حين لآخر، الق نظرة على لوحة الامس..وان شئت مارس لعبة النسيان...

الخميس، 20 فبراير 2014

مسلسل التغيير..الموسم الثالث


للحظة بدا  كل شيء ممكنا...عندما نقلت شاشات الفضائيات صورا لوجوه قدست ملامحها لعقود وقد بدا قلق عميق يجتاح تقاسيمها...عندما وصلت الايدي الى وجه القذافي تتقاذفه قبل ان تجهز عليه،و تتحول ملامحه المتعجرفة بلا حدود الى ملامح هادئة الى الابد..للحظة آمن الناس بهبوب رياح قد تنظف قذارة معيشهم اليومي وتحل بعض العدل ، بعض المعنى وبعض النظام في عبثية وجودهم... وكما يحصل في مسلسل امريكي مصمم ليستمر لعدة مواسم مقبلة..تأتي احدى الحلقات لتوهمك بأن كل شيء انتهى لتفاجأ فيما بعد انه في الموسم اللاحق يتغير ترتيب الادوار..تستمر الشخصيات نفسها...و قد تنضاف شخصيات اخرى..وكلما تتابعت الاحداث وتعقدت وتشعبت،كلما تعلقت انظارك بالشاشة لا تحيد عنها..الا اذا كنت ممن يتعبون من الانتظار، ساعتها سيكون عليك ان تفكر مثل كاتب (او دعنا  نقل كتاب النص) لكي تكتشف النهايات المحتملة لكل ما يحدث وتجد بالمرة معنى لما يجعل اصواتا هتفت يوما : "يسقط يسقط حكم العسكر !!" تتحول لتنادي بكل حماس: " السيسي هو رئيسي !!"
في المغرب لم نكن ابدا استثناء كما قد يروج .. لنا مسلسلنا الممتد لمواسم عدة مع فرق بسيط ، في دول اخرى يعيشون مسلسل رعب او اكشن بينما لدينا دراما سياسية يتحفنا فيها من حين لآخر ثلة من سياسيينا المحنكين بوضعيات كوميدية (من الكوميديا القاتمة او السوداء)، و ينبغي ان نعترف لهم بالبراعة فقد حولت بعض ايقوناتهم السياسة الى فرجة ممتعة بعد ان كانت طابو مرعبا لعقود و شأنا منفرا  بعد ذلك.
لا احب ان أكون عدمية،لكن يبدو لي انه في مسلسلنا كل الاحداث والأدوار تتغير لكي لا يتغير شيء، لسبب ما ورغم ايماني بحاجتنا الى  حركة نضالية مثل 20 فبراير و رغم ان اصواتا بها صدحت مخلصة لمبادئها ومؤمنة بحق الشعب في الحرية والكرامة والعدالة إلا ان ذلك لم يكن كافيا لزحزحة مسلسلنا عن السيناريو المقرر له..يجتمع الناس بسهولة وفي حماس ليفجروا حنقهم وقهرهم بالصراخ في مسيرة او وقفة ولكن من الصعب ان تحتفظ بكل اعدادهم في درب النضال الطويل والشاق..عندما تشتغل في ثانوية عمومية وتخاطب عقول الشباب العشريني ( في سن العشرين او اقل او اكثر بقليل) كل يوم..تدرك ضخامة العمل الذي ينبغي انجازه لتأهيلهم للتفكير بشكل مستقل،متنور، ومسؤول كمواطنين.. عندما تراقب سكان الاحياء الشعبية في خياراتهم اليومية وسلوكاتهم وتدرك جيدا انهم يشكلون شريحة واسعة من الشعب المغربي، تكتشف عمق الفجوة التي تفصلهم عن التفكير في انفسهم كمواطنين او التصرف على هذا الاساس.. ربما لا يستوعب هذا من يناقشون التغيير السياسي بشكل اكاديمي او في المحافل الفكرية..
في بلد يتوفر على تعددية حزبية،حكومة منتخبة، دستور تم التصويت عليه ، ووسائل اعلام تتابع خيارات الحكومة وتكتب عنها وتنتقدها، تبدو "الديمقراطية المغربية" في احسن حالاتها..حسنا يعتمد الامر على فهمنا للديمقراطية و فيما اذا كنا نختزلها فيما سبق..
والحال أن العماد الاساسي لكل ديمقراطية هو مشاركة المواطن بشكل حر في تدبير الشأن العام والتفكير فيه، هذا المواطن -الذي كما ذكرت سابقا لا ينظر الى نفسه على انه كذلك- يغيب عن ذهنه من جهة ان الخيارات المتاحة امامه في تدبيره لمعيشه يوميا هي في جانب مهم نتيجة لطريقة تدبير الشأن العام،فإذا اراد لخياراته ان تتحسن فعليه ان يحرص على ان يتم تدبير الشأن العام بشكل رشيد وعادل.كما لا يفكر هذا المواطن من جهة ثانية ان كل خيار يقوم به في حياته اليومية يؤثر في الحياة المشتركة ونتائجه ستنعكس عليه بشكل او بآخر.ان الفرد الذي يفكر على انه جزء من جماعة يتفاعل معها بشكل جدلي يؤمن بحقه في المواطنة ويمارسها بقناعة ومسؤولية.لكن هذه القناعة وحدها لا تكفي، تتأسس الديمقراطية الحقيقية ايضا الى جانب ايمان الافراد بصفتهم كمواطنين على امتلاك الاهلية الفكرية والمعرفية للمشاركة في النقاش العمومي حول القضايا، يخبرنا التاريخ قصصا كثيرة عن شعوب تم تضليلها وخداعها،ولم قد نحتاج دروسا من الماضي فالحاضر حافل بما لا يعد ولا يحصى من الامثلة..ندرك الان تماما ان الاستبداد والشمولية لا يعمران لعقود او قرون دون تواطؤ من الشعوب المتعطشة للحرية نفسها..الجهل ابو الشرور جميعا..ومن السهل تضليل شعب غير مدرك تماما للخيارات المتاحة امامه..لذلك فأسوأ اعداء الحرية والكرامة هم أولئك الذين يمارسون الوصاية على وعي الناس بأي مسمى كان سواء دينيا او علمانيا، اولئك الذين يفتعلون قضايا تافهة ويعودون الناس الجدل حولها،اولئك الذين عوض دعوة الناس الى التفكير يكفرون، وعوض محاورتهم يشغلونهم باي لغة يتحاورون، اولئك الذين يحتلون منابر اعلامية جماهيرية ثم يشغلونها ويملأونها بلا شيء...
الحق في المواطنة حق في المعرفة، والحق في المعرفة حق في التفكير،وحق في التعبير، وما دام بعضنا يخرس بعضا فنحن لسنا بعد اهلا للمطالبة بهذه الحقوق.
للحظة يمكن للشعب ان يتوهم انه غير النظام السياسي..وان تاريخه تغير..وان حاضره تغير..لكن امامه وقت طويل من زمن المسلسل ليدرك ان التغيير لا ياتي في لحظة..لن يتغير شيء ما دام الشعب ينتظر ان ياتيه خبر التغيير من  شاشة فضائية اخبارية..سيتغير كل شيء عندما يتغير الشعب..





الخميس، 13 فبراير 2014

وجعلوا للحب عيدا...




يملك العالم زخما من الاتفاقيات والمعاهدات حول حقوق الانسان وكما هائلا من الجمعيات الحقوقية الناشطة عبر مختلف بقاع الكوكب، ويخصص مناسبات متعددة في السنة لمناقشة الاوضاع المرتبطة بحقوق الانسان، غير ان كل ذلك ليس الا اعترافا صريحا من الجميع بأن البشر لا زالوا بعيدين عن احترام الانسان وحقوقه.
في نفس السياق، يأتي اليوم العالمي للمرأة ليجعلنا اكثر وعيا بان العالم الذي يحتفي بالمرأة في يوم محدد من السنة قد لا يحفل بها كثيرا بقية ايام السنة، لطالما اقتنعت ان عالما تلقى فيه المرأة يوميا العناية والاحترام اللائقين بها لن يحتاج بتاتا الى تخصيص  مناسبة سنوية لتكريمها.
قياسا على كل ذلك يأتي عيد القديس فالانتاين لكي يطرح الحب كقيمة يمجدها من يخلدون ذكراه كل سنة..في المغرب وكباقي دول العالم الاسلامي ينقسم الناس (كالمعتاد) بين معارض شرس لتخليد هذه الذكرى باعتبارها تقليدا دخيلا على ثقافتنا الاسلامية وبين مدافع مستبسل عن ذلك باعتبار الحب قيمة انسانية لا علاقة لها باختلاف الديانات او الثقافات.
والحقيقة ان ما يستوقفني للكتابة حول الموضوع ليس الخوض في اصل الذكرى ولا ارتباطها بثقافتنا من عدمه، بل ان ما ادعو الى الوقوف عنده ببعض التأمل والتفكير هو هذا النزوع الانساني الى استبدال جوهر الاشياء برموز تبدو للوهلة الاولى دالة ومشحونة لكن خواءها سرعان ما ينكشف ويضعنا امام حقيقة عبثية: انشغالها برموز القيم ينسينا تماما الاهتمام بالقيم نفسها.
ان عالما يزداد الافراد فيه تعلقا بتمجيد الحب في مناسبة سنوية هو عالم ينطق ببؤس لا نظير له، عالم ينطق بفقره الى الحب،باملاق يشتد به أكثر كلما اختزل توقعاته من هذه العاطفة السحرية ورضي بما تمنحه من "سعادة" بتلقي او اهداء شيء ملون بالاحمر ذات يوم من ايام السنة الثلاثمئة والخمسة والستون !!
هذا النزوع الى الاختزال – اختزال منح الحب وتلقيه في منح الاشياء وتلقيها- نجده بأشكال متنوعة عند الناس على اختلاف مشاربهم الفكرية وتوجهاتهم الايديولوجية، من ذلك مثلا اختزال التعاطف مع القضية الفلسطينية في ارتداء الكوفية وفي احسن الاحوال في نظم قصيدة،فهذا دون شك يعفي من تتبع تطورات القضية والتحرك الفعلي لنصرتها،أو اختزال التدين في اطلاق اللحية او ارتداء "الزي الاسلامي" ،لن يكون على الشخص اذن ان يبذل اي جهد في تهذيب طباعه والتخلص من شرور نفسه فمظهر المتدين ينطق بان كل ذلك تم  حتى دون ان يتم حقيقة ،او اختزال فكرة التحرر في عرض الجسد عاريا او اجهاض الاجنة او التبجح بتعاطي الخمر او الشذوذ الجنسي، مع كل الذين يتخلصون من ملابسهم ويطلقون العنان لرغباتهم لا يبدو ان الكائن الانساني صار اكثر تحررا ولا ان القوانين صارت اكثر عدلا ولا ان الانظمة السياسية صارت اقل استبدادا وشمولية..من ذلك ايضا اختزال الاحتجاج في تغيير صور البروفايل على الفيسبوك ،من يملك الوقت او الرغبة في الاحتجاج في العالم الواقعي في نهاية الامر؟ حتى التهنئة بالمناسبات التي كانت العواطف تنطلق فيها جياشة وعفوية تحولت بكل لا مبالاة من التنقل شخصيا لتهنئة المعني بالامر، الى تهنئته هاتفيا ثم الى التهنئة برسالة قصيرة واخيرا اصبحت هناك رسائل قصيرة للتهنئة بعبارات جاهزة يمكنك ارسالها الى مئات الاشخاص..مع كل عبارات الحب التي تتداول...القليل جدا منها يصدر عن قلب محب حقيقة..
لهذا يزداد الناس اهتماما بعيد الحب..هم لا يجدونه طوال السنة..تماما مثل الاسرة الفقيرة التي تنتظر عيد الاضحى بفارغ الصبر..لانه في يوم من السنة على الاقل ستكون هناك وفرة في اللحوم على مائدة الطعام..ان التخلص من فقر الجيوب يحتاج تدخلا من الحكومة وسعيا وجهدا من الفقير وكرما من الميسور ، لكن التخلص من فقر العواطف اسهل من ذلك بكثير فهو يحتاج من الجميع بعض الكرم،بعض الكرم الذي لا يكلف شيئا...اعني من الناحية المادية الصرفة...لا حاجة الى سلع او تخفيضات في المطاعم والمتاجر..
هل تريد الحب؟ ابحث عنه في القرب من خالقك..كلما اجلت عقلك في الكون وجدت عبقرية في الصنع والابداع،عظمة لا حدود لها..ثم وانت تقرأ كلام العظيم المبدع الجبار تجد بأنه يفرح بتوبتك اذا تبت ويأتيك بضعف سرعتك اليه..العظيم الجبار كله حب وعطف ورحمة..
هل تريد الحب؟ جرب ان تمنح الاخرين ابتسامة حقيقية نابعة من قلب لا يحمل حسدا او بغضا، جرب ان تستمع الى صديقك باهتمام حقيقي، وان تظهر لجارك تعاطفا حقيقيا، والا تكره زميلك في العمل حتى عندما تفجر غضبك اذا غضبت..جرب ان تحول بكاء اخ او اخت لك الى ابتسامة ثم الى ضحك مختلط بالدموع، جرب ان تعامل والديك مثل طفلين عند كبرهما، تستمع الى قصصهما التي لا تعني لك الكثير وتعلق عليها باهتمام، تغير الملابس التي اشتريتها لانها لم تعجبهما، تشتري لهما طعامهما المفضل اذا غضبا منك لسبب من الاسباب..جرب ان تمنح شريك حياتك الاهتمام والعناية نفسها التي منحته اياها عندما التقيتما اول مرة..جرب ان تجعله يختارك في كل مرة..
هل تريد الحب؟ عليك ان تجيد قراءته اذن.. تعلم قراءته في اتصال صديق فرقتكما الظروف لمدة من الزمن، ثم يرن هاتفك فجأة وتسمع صوته يتصل لا لشيء الا لكي يسأل عن احوالك و يتذكر معك بمرح اوقاتا قضيتماها معا..تعلم قراءته في تدخل اخت او اخ لك في شأن خاص بك واصراره عليك ان تتخذ قرارا بعينه لانه الاصلح لك، وانت تدرك انه لن يستفيد شيئا على اي حال..تعلم قراءته في وقوف احدهم معك في محنتك..تعلم قراءته في تهلل اسارير وجهه وابتسامته العريضة عندما تخبره بتحقيق انجاز ما.. اقرأه في ملامح شخص تحكي له عن احلامك فتبتسم عيناه في حنو و يخبرك انه يؤمن بقدرتك على تحقيقها..اقرأه في سلوك شخص يختارك انت عوض الاشياء في زمن يستبدل فيه كل الناس العلاقة بأشخاص يبادلونهم المحبة بالعلاقة المرضية بأشياء يمتلكونها وتمتلكهم.اقرأه في سلوك شريك يدرك تماما عيوبك، لكن لا يجعل منها وسيلة لابتزازك بل يقبلها ببساطة لانها انت،و ان سألته عن مخططاته للخمسين سنة القادمة يجيبك بعدد من الاشياء يريد القيام بها لكن في كل منها تكون انت حاضرا..

أترون؟ الورود الحمراء والشوكولاته والهدايا الملونة بالاحمر رموز لا تمنحنا ايا مما سبق، لان الحب ببساطة ليس مجرد عيد وهدايا..انه تجربة يومية..انه انتاج مستمر، نور يشع من ذواتنا ويعود اليها اكثر تلألؤا...انه انجاز لا يتحقق الا بعد معارك مضنية ضد الانانية والغل والتعصب والكراهية والاقصاء..انه حرب يومية ضد اسوأ ما فينا لتمجيد و إعلاء افضل ما في انسانيتنا..كل الذين يجندون انفسهم بشكل طوعي في هذه الحرب ينظفون اجواء الكوكب بعبق ارواحهم وقلوبهم النقية ، هؤلاء الذين يحفلون بالحب حقيقة هم الذين يحتفلون به كل يوم...و ان كان الحب حقا يعنيك انضم اليهم دون تردد..

السبت، 25 يناير 2014

البيئة...الاولوية المؤجلة

لقاء قيم حول الاشكاليات البيئية الكبرى بالجهة نظمه اليوم  مركز واد سوس للدراسات والابحاث، أطره الاستاذ خالد العيوض وحضره عدد من الباحثين والمهتمين بالشأن البيئي ومن ضمنهم مديرة المرصد الجهوي لشؤون البيئة...
كلما طرح النقاش حول البيئة اشعر بقلق عميق، ففي ظل تدهور الوسط البيئي بوتيرة خطيرة يبقى الجهد المبذول فعليا في الواقع أقل بكثير مما ينبغي..ليس فقط على مستوى وطني ولكن ايضا على مستوى دولي..
هل نحتاج الى المزيد من القوانين؟ يبدو انه لدينا ترسانة قانونية تحتاج الى تفعيلها
هل يكفي رصد الاختلالات البيئية واسبابها؟ والتوعية والتحسيس باهمية احترام مكونات البيئة والحفاظ عليها؟
لا أظنه يكفي لان أكثر ما يتأذى منه المجال الحيوي على الكوكب لا يعود فقط الى عاداتنا في استعمال المياه او طرق تخلصنا من النفايات ولكن يعود الى خيارات سيئة في التصنيع وفي التوسع العمراني..وهذه تحتاج الى قرارات سياسية لتعديلها..والساسة لا يهتمون وهم على الكراسي الا بالاصوات والاموال التي ستعيدهم الى الكراسي في الولاية اللاحقة..
الرهان هنا هو في توجه فعاليات المجتمع المدني الى الضغط على الساسة (بورقة الناخبين) لجعل المشكلات البيئية على قائمة اولوياتهم.
اتذكر هنا قولة " اذا اردت ان تطاع اطلب ما في المستطاع" وهذا يعني ان هذا الضغط ينبغي ان يترافق مع رؤية واضحة للبدائل التي تطرح على ارباب المعامل و اصحاب الوحدات الانتاجية و واضعي سياسات التعمير لاستباق اي تدبير سيء للمجال..
باختصار ما زال امامنا عمل جدي و شاق على مستوى البحث الاكاديمي و العمل الميداني والنضال الحقوقي حول قضايا البيئة،وهي المنافذ التي ينبغي العمل من خلالها بشكل متواز لتطويق اختلالات المجال البيئي..لكي لا يبقى الحديث عن الحق في البيئة السليمة او حق الاجيال القادمة في ثروات الكوكب شبيها بباقي حقوق الانسان الاخرى التي كلما تم اعلاؤها والتغني بها في المواثيق الدولية والمؤتمرات الا وتزامن ذلك بانتهاكاتها الفظيعة في بقاع متعددة من المعمور..

الأربعاء، 22 يناير 2014

حــــــــــــــــالات....


حالة عزلة
بعض الناس محاطون بالعديد من الاشخاص...اقارب، اصدقاء،زملاء عمل، جيران..
بعضهم يعيشون وحيدين...لا رفقة لهم سوى الله وانفسهم
اتعرف  أسوأ من ان تعيش وحيدا؟
ان تكون محاطا بحشد من الناس في كل وقت..ضجيجهم يملأ حياتك..لكنهم لا يرونك... وانت لا تراهم
كلما اقتربوا وازداد عددهم..كلما زاد شعورك بالعزلة والوحشة
حالة حب
بعض الناس تتسع قلوبهم لكل البشر..ينضحون بحب لا ينضب
بعضهم يوجدون صيغا للحب... اشكال..يمكن ان تكون أي  شيء ما عدا ان تكون حبا
اتعرف  أسوأ من ان تكون عاجزا عن الحب؟
ان تقدم قلبك في كل لحظة لمن تحبهم في غلاف من مال وجهد و وقت،فيأخذون كل شيء ويعيدون اليك حبك كأنه طقس غريب لشعب بدائي...او كتابة بلغة قديمة تحتاج متخصصا في الآثار لفك رموزها..."لا تنتظر كثيرا ابحث لقلبك عن متذوق للتراث بعيدا  عنا "  تقول ابتساماتهم...
حالة رعب
بعض الناس يرعبهم الموت...تخيفهم تقلبات الاقدار..يقلقهم زوال الصحة والمال...قلق وجودي يخنق كل محاولاتهم للانعتاق..
بعضهم لا يفكرون في اي من ذلك..تخيفهم الاماكن المغلقة..يرهبهم الظلام.. يهلعون لرؤية حيوان او حشرة...مخاوف مرضية تفضح هشاشة هذا المخلوق الذي يعلن بكل غرور سيادته على الطبيعة..
أتعرف  أسوأ من كليهما ؟
ان تتفاجأ من حين لآخر بهذا المخلوق فيك..هذا الذي يهاجم دون رحمة.. يحطم دون اكتراث...يخطط بكل سادية...ينبش الجروح بكل تشف...وانت اثناء كل ذلك تصيح بنفسك مرتجفا: كيف اصبحت هكذا؟ !!
حالة عبث
بعض الناس يحبون تسمية الاشياء بغير مسمياتها...ليمر اللاأخلاقي في أفعالهم بهدوء وبأقل ضجة ممكنة...
بعضهم يدافع عن هذا اللاأخلاقي بجرأة تجعلك تخجل من مجرد  التجرؤ على الاعتراض مجددا...
اتعرف أسوأ من جبن هؤلاء وفجور أولئك؟
ان يمنحك الله ( أو الطبيعة تبعا لقناعاتك) كل الفرص لتصنع المجد فترقى...
لكنك ،بكل طاقاتك، تفضل ان تبقى مجرد رائد  في صناعة القذارة...
حالة أمل
بعض الناس يأملون في أنظمة اكثر ديمقراطية...قوانين أكثر عدلا..كوكب أقل تلوثا...واقع أقل قسوة
بعضهم لا يعرفون شيئا اسمه الامل..هم فقط  يستفيدون  من اللحظة التي يملكون عوض ان يرهنوها مقابل غد لا يمتلكونه..بعد
اتعرف أسوأ من  سذاجة هؤلاء و برودة أولئك؟
 أن يحذوك الأمل وانت تبحث في التاريخ، في الجغرافيا،في اللغة، في الدين، في العلم،في الفن،  تبحث في كل أبعاد الزمان والمكان عن بعد انساني..تأمل ان يطغى الانساني على كل الابعاد...ان تنتصر انسانية الانسان على طمعه وقسوته ولامبالاته بمعاناة الاخرين..في حين أن كل شيء في الوجود البشري يخبرك بأن الانساني لا يمكن ان يعود..لأنه ببساطة لم يختف قط...فقد كان دائم الحضور..الانساني هو بالذات هذا الطمع والقسوة واللامبالاة..ففيم أملك؟
حالة سعادة
بعض الناس يبحثون عن سعادتهم في وجبة دافئة..في بيت بسقف وباب..في مخلوق صغير يتحرك بصعوبة لينطق بابا..ماما ويكبر ليتحدى بسهولة كلا العجوزين..
بعضهم بنى السعادة منازل فخمة،قطع أثاث نادرة، شواهد من ارقى جامعات الكوكب...لكنه لم يجد بعد مفتاحا للاستمتاع بكل ذلك وحيدا
أتعرف أسوأ من هؤلاء وهؤلاء؟

ان تنشغل  بالتأمل في شروط السعادة..فتشقى  بلحظيتها..زئبقيتها...وتنسى ان تعيشها..أن تفقد الطعم الجميل الذي تنتشي به روحك  كلما تسلت السعادة  بالتوقف عند بابك بشكل غير متوقع..

السبت، 18 يناير 2014

Reymond Aron et un « Essai sur les libertés »

Issu de conférences que Raymond Aron avait données en 1963 à l’université de Berkeley (USA), « Essai sur les libertés » apparait au début de janvier 1965 .Le philosophe et sociologue français y reprend la réflexion sur deux conceptions controversées de liberté, avec lesquelles il ne s’agirait  plus d’Une  Liberté mais de Libertés tantôt formelles tantôt réelles.
L’analyse de Reymond Aron confronte deux doctrines philosophiques, l’une est favorable aux libertés formelles, position prise par le  philosophe français Alexis De Tocqueville, l’autre par contre ne voit pas la  portée des libertés politiques, personnelles, intellectuelles dans une société d’inégalité et de paupérisation, elle se positionne donc en faveur des libertés réelles, et c’est la position du philosophe allemand  Karl Marx.
Cette confrontation donne fruit à l’opposition entre deux sortes de régimes politiques, les démocraties libérales représentées par les puissances industrielles occidentales  et les régimes socialistes notamment adoptés à l’Europe de l’est.
Reymond Aron souligne que les années 50 du siècle dernier fussent marquées par le déclin des idéologies, car  « ni le marxisme-léninisme, ni le fascisme, ni le libéralisme n’éveillent plus la foi qui soulève les montagnes » (p74) , c’est ainsi que notre sociologue analyse soigneusement les contradictions qui déstabilisent chaque régime, bien qu’ils se prétendent tous démocratiques .Les régimes pluralistes en dépit des  institutions représentatives et des traditions électorales peuvent réduire le citoyen  en un simple figurant dans un rite alors que les gouverneurs qu’il s’est choisi sont eux même prisonniers de puissances dans l’ombre.
Sur la base de ce genre de contradictions, Reymond Aron adopte ici une vision toutefois peu propice à un penseur libéral, il déclare : « les institutions de la démocratie représentative ne me paraissent pas l’expression nécessaire, en notre siècle, du désir universel de liberté » (p99)
On pourra comprendre que les régimes à parti unique peuvent aussi garantir les libertés revendiquées, mais ceci n’empêche pas le sociologue d’en démontrer les limites, en fait les régimes à parti unique interdisent toute réflexion sur leur idéologie et impose une autorité absolue d’ordre intellectuel.
Pour tout type  de régime, Reymond Aron tente de rectifier la représentation conformiste d’une société opulente sans conflits fondamentaux, il démontre par les statistiques les inégalités sociales et la relativité de l’opulence.
Dans le dernier chapitre de son livre, Reymond Aron s’arrête sur la notion de liberté politique dans la société technique, il analyse les contrastes entre démocratie américaine et démocraties européennes (française, anglaise) pour conclure que les intellectuels ne revendiquent plus la nationalisation des  moyens de productions, mais plutôt l’égalité morale entre représentants des ouvriers et représentants des couches favorisées.

Dans la postface ajoutée en 1976, Raymond Aron se montre plus libéral ,il ne se soucis plus de relativiser la vision libérale, ou de considérer un choix socialiste  susceptible d’assouvir le désir de liberté, peut être parce qu’il n’était plus question d’une France sous de Gaulle (qui montrait de la sympathie pour les régimes socialistes), ou était-ce tout simplement parce qu’au fil des années les régimes à parti unique se sont montrés plus despotiques que jamais, en tout cas Raymond Aron  déclare clairement : « que leur exemple nous serve de leçon ; les hommes ont tous le même droit au respect, ni la génétique ni la société n’assureront jamais à tous la même capacité d’atteindre à l’excellence ou au premier rang. L’égalitarisme doctrinaire s’efforce vainement de contraindre la nature, biologique et sociale, il ne parvient pas à l’égalité mais à la tyrannie. » p 240.

الجمعة، 10 يناير 2014

معارك وهمية

ينشغل الرأي العام الوطني من حين لآخر بقضايا يثيرها من هنا وهناك بعض الأفراد اما بصفة شخصية او بصفتهم ممثلين لمؤسسات مدنية، حزبية او دينية.ولو ألقينا نظرة بسيطة حول نوعية هذه القضايا لوجدنا انها تتخذ اتجاها معينا،و انها اذ تكشف بوضوح عما تناقشه فإنها ايضا تحيل وبوضوح اكثر على ما لا تناقشه.
سواء تعلق الأمر بالحق في الاجهاض، الحرية الجنسية،فتوى قتل المرتد، تجريم التعدد او المساواة بين الجنسين في الارث، فإن كل هذه القضايا تسير في اتجاه وضع المرجعية الثقافية والدينية للمغاربة موضع تساؤل ونقد ،وكان ذلك ليكون في حد ذاته أمرا صحيا  لولا طريقة النقاش وتوقيته، فمبدئيا يمكن القول ان كل جماعة في حاجة من حين لآخر الى فحص مرجعياتها و اعادة بناء قناعاتها على أسس متماسكة، لكن اثارة الملفات السابقة تتم بشكل جدالي متشنج بعيد عن الحوار الهادئ احيانا كثيرة،  ينقسم فيه المتحاورون الى علمانيين واسلاميين ضرورة، يكيل كل فريق منهما الى الآخر تهما جاهزة، ومن ثم تكون تهم الزندقة والكفر والالحاد للفريق الأول، بينما تكون تهم الرجعية والظلامية والتكفيرية من نصيب الفريق التاني.
هذا عن طريقة النقاش، اما عن توقيت النقاش وهو مربط الفرس- فيبين لأي شخص يتمتع بقدر من الذكاء انها اشباه قضايا  تعمل على شغل الرأي العام بنقاش مغلوط من اجل تضليله عن النقاش الحقيقي،وهو ما يذكرنا بالتشبيه الذي قدمه بيير بورديو في أطروحته حول التلفزيون الذي  يعمل مثل لاعب الخفة: تشغل يده اليمنى بصرك بحركات مدروسة هنا، بينما الخدعة تحبكها بسرعة يده اليسرى هناك.
في الوقت الذي نتشنج فيه من اجل الدفاع عن او ضد التعدد ننسى ان هذا الخيار لا يهم الإ شريحة ضئيلة من المغاربة بينما الاغلبية الساحقة تواجه ارتفاع الاسعار والبطالة فلا يكون لها حتى الحق الطبيعي  في الزوجة الاولى. في الوقت الذي ننقسم فيه الى فريقين متناحرين لا يطيق احدهما للآخر وجودا أو كلمة ننسى ان الديون التي اقترضها المغرب  سيشارك في أدائها الجميع على اختلاف توجهاتهم، وان ارتفاع فواتير الماء والكهرباء لن يميز بين اسلامي وعلماني.يتحدث الجميع عن أزمة اقتصادية خانقة ، مع ذلك رأى  الجميع ايضا كيف ان مهرجاناتنا جاءت في توقيتها المعتاد وان الانفاق العمومي لم يتغير الا لكي يصير أكثر بذخا ، هل سنختلف حقا اذا تساءلنا بصفتنا مواطنين: من المسؤول عن تأزم الاوضاع في المكتب الوطني للماء والكهرباء؟ هل سنختلف ان طالبنا بمحاسبة المسؤولين؟ هل سنحتلف اذا تساءلنا: لماذا يجب ان نتحمل ديونا كان من الممكن تجنبها بترشيد اكثر للانفاق؟ هدر المال العام لا يخضع لتلوينات المشارب السياسية او الفكرية..الهدر هدر والنهب نهب في أعين الجميع.
يمكن للساسة دوما ان يعولوا على سهولة الهاء الجماهير، وبينما يتناحر الناس من اجل اختلافات وهمية، يتلاقى الساسة رغم تعارضهم حول مصالح مشتركة، ابلغ مثال يبين هذا الامر التجييش الاعلامي الذي واكب مقابلة مصر والجزائر في كرة القدم قبل سنوات، تحول الامر من مجرد لعبة الى تناحر قومي يتهدد الارواح والممتلكات، وبلغ العبث ذروته عندما طالب مواطنون مصريون عبر شاشات الفضائيات  الرئيس المخلوع حسني مبارك بالظهور واعادة الاعتبار للمصريين باعتباره حامي ديارهم !
انشغل عموم الشعب المصري بالمقابلة بينما عيد الاضحى على الابواب وشريحة واسعة منهم من فرط الفقر لا تجد ثمن كيلوغرام من اللحم فمابالك بخروف،واقتتل الناس حول لعبة بينما في الوقت نفسه تستقبل ادارة مبارك مسؤولين اسرائيليين للتنسيق الامني بين الطرفين فيما يتعلق بالحدود والمعابر !!
انها استراتيجية الهاء قديمة لكنها فعالة دوما،لا يمكن لمواطن منشغل بالاشخاص دفاعا او سبا ان يراقب الاداء الحكومي، ويتتبع خياراته، خصوصا اذا اخذنا بعين الاعتبار التناقض الذي تحمله اللعبة الديمقراطية بحكم طبيعتها، فإذا اعتبرنا ان لكل حكومة حيزا زمنيا محددا لتنفيذ برنامجها،فإن أغلب الاحزاب الحاكمة تميل الى اتخاذ قرارات آمنة تحفظ شعبيتها التي تحتاجها في الاستحقاقات الموالية، وتحت ضغط الاعلام الذي يطالب بلسان الرأي العام بنتائج ملموسة للأداء الحكومي، فإن الاحزاب الحاكمة لا يمكن ان تغامر بشعبيتها، ولذلك تتجنب بعض الخيارات حتى ولو كانت مفيدة على المدى البعيد، و تتبنى خيارات اخرى تنقذها نسبيا من مآزق حالية لكن تؤجل المشاكل عوض حلها لتجدها الحكومات الموالية في انتظارها.

لهذا يسود جو المزايدات السياسية الضيقة  بين الاحزاب المختلفة، والمواطن المعني الحقيقي بهذا النقاش-  مغيب تماما لانه لا يزال يقتتل لأجل أو ضد الحق في زوجة رابعة !!