الجمعة، 15 نوفمبر 2013

اليوم.... يومها



لا احد يملك أن يزايد على المرأة المغربية،ففي تاريخها الكثير جدا من الأسماء التي لا تستحق مجرد يوم نتذكرها ونكرمها من خلاله،بل تستحق ان نقف بإجلال أمام انجازاتها كل يوم،فعالمة الفلك والفقيهة والمناضلة والمقاومة فخر لكل المغاربة رجالا ونساء.
ولأن الكثير من الأبطال يعيشون بيننا في صمت،نشير الى بطولة النساء في اعالي الجبال،أولئك اللواتي يجلبن الحطب و الماء من مسافات بعيدة متحملات قسوة المناخ،نحيي تلك الأيادي التي تنظف ملابس الاسرة على مياه نهر ببرودة الثلج واذا سئلت لا تختار آلة غسيل أوتوماتيكية او فرنا كهربائيا بل فقط منزلا بسقف يحمي من الثلوج ومستشفى قريب ومدرسة تعلم فيها أبناءها،وفي انتظار وعود التنمية التي قد تتحقق أو لا تتحقق  تبتسم المرأة منهن -اذا ابتسمت- لكاميرات التلفزة في حياء ثم تواصل كفاحها اليومي في صمت، دون ان تبحث عن وسام أو تطالب بمساواة لانها ترى جيدا ان الجميع في البؤس سواء.
في يوم المرأة المغربية أحيي في كل امرأة وقوفها اليومي في موقعها بما تقتضيه كلمة الوقوف من مسؤولية وكفاح، في البيت والعمل وفي اي موقع آخر.ولأن هذه المرأة هي أنا وأنتِ وهذه وتلك فإن الصورة المشرقة عنها فخر لنا جميعا،واي صورة أقل اشراقا تهمنا جميعا.
لن اتحدث هنا عن المرأة الموصومة بالدعارة في بعض الانتاجات التلفزيونية العربية،لأن الذي أخذ عناوين ملاهينا الليلية وكازينوهاتنا من مواقع الانترنت وغادر بلاده  الى بلادنا متوجها رأسا الى تلك الاماكن الموبوءة لا يعرف عن نساءنا الا نموذج المرأة الغانية.
بمقابل ذلك سأتوقف عند وقائع لاحظتها،لا أدري ان كانت ترقى الى مستوى الظواهر لكني سأسجلها على أية حال.منها اتجاه عدد من الاسر الى تزويج بناتهن في سن مبكرة برضاهن غير معنيين بنضال الحقوقيات في حربهن ضد تزويج القاصرات، وما لاحظته هنا هو انه سواء تم الزواج قبل سن الثامنة عشر او بعدها فإن مفهوم الأمومة ومسؤولية الاسرة والابناء مفاهيم غائبة احيانا وملتسبة احيانا كثيرة لدى العديد من الامهات الشابات،فمع نظامنا التعليمي المأزوم تخرج الكثير من الشابات بقدر متواضع من الثقافة سواء حصلن على شواهد الباكالوريا ام لم يحصلن عليها،ومع تدهور نظامنا القيمي نصبح امام مشاهد مألوفة لأمهات شابات يشتمن ابناء في عمر الزهور بالفاظ نابية وشتائم تمس بقداسة الدين واعراضهن هن انفسهن،ومشاهد اخرى لأطفال في سن الثالثة اوأقل يلعبون في الازقة والاحياء دون رقابة خلال الأوقات المفضلة لحركة المجرمين ومغتصبي الاطفال،في الصباح الباكر او الظهيرة او بعد حلول الظلام بوقت طويل.
ناضلت النساء في وقت ما من اجل اقتحام ميدان العمل،وأبدعن احيانا في مجالات عملهن.بالنسبة لجيل اخر من النساء لم يكن خيار العمل تحديا لمورث ما ولكن حاجة املتها الاوضاع الاقتصادية،فعملت الزوجة الى جانب زوجها والابنة الى جانب ابيها واخيها،وهنا نجد الكثير من النساء المكافحات اللواتي وقفن كشريكات حقيقيات حملن عبء الاسرة حتى في حالة عجز الاب او الاخ او الزوج لمرض او غيره (اواحيانا لان الرجل اتخذ خيارا انانيا بالقاء مسؤولية الاسرة على كاهل المرأة طالما انها برهنت على قدرتها على تحملها)،فقدمت النساء من عرقهن وشبابهن لضمان استقرار اسرهن ورفاهها.
و الى جانب هؤلاء النسوة اخريات فضلن عدم خوض تجربة العمل خارج البيت، ومنهن من تدرك جيدا ان أهمية دورها في الاسرة مساوية لاي مما تقدمه النساء العاملات ، لكن منهن كثيرات غائبات طوال الوقت حتى عندما يحضرن، تطالبن بالمزيد من التجهيزات الكهربائية لتسهيل الاشغال المنزلية، تتذمرن من حظهن مع الزوج والابناء،تنتظرن وساما على كل وجبة تقمن باعدادها او غرفة تقمن بتنظيفها،وترغبن باجازة من الاعتناء بالابناء كلما تمَكن من ذلك (اي طوال الوقت).
وللإشارة فلست ممن يحيون التنشئة الذكورية التي تلقي بأعباء المنزل وتربية الابناء على المرأة وحدها.لكنى اومن ان الاسرة شراكة وتوافق، وهنا لا داعي لان يركن احد من الاطراف الى دور الضحية، والا فان الضحايا الحقيقيين لإهمال الاسر و تجاهلها لمسؤولياتها هم الابناء الذين هم بدورهم نواة لاسر اخرى تنشأ مستقبلا. من هنا فأي بذرة سيئة نزرعها سنستمر في جني ويلاتها اجيالا طويلة.
بعض الحديث عن المرأة المغربية يفرح ويثلج الصدر،لكن الكثير منه ان كان صريحا بما يكفي يجعلها تعترف ان معاركها مع كل ما يعوق تقدمها وانفتاحها من خارج( سواء كان أزمة اقتصادية،فسادا سياسيا،او ذهنيات اجتماعية منغلقة...) هي بنفس قدر اهمية معركتها مع ذاتها لتختار ان تكون ابنة افضل،اختا افضل،زوجة افضل،اما أفضل،انسانة افضل...ترفض ان تهين او تهيمِن اوتهمِل او تستغِل حتى وان سنحت لها الفرصة،حتى وان كانت هي نفسها في مرحلة من تاريخها تعرضت لاي من ذلك،وحتى اثناء معركتها ضد كل ذلك..النساء اللواتي اتخذن هذا الخيار اخترن ان يكن منبع الكثير من القيم الانسانية الكفيلة بجعلهن رموزا تخلد بعد موتهن، فتعيش القيم بهن و من بعدهن  في كل اسرة متماسكة،في كل انسان مسؤول (رجلا كان او امرأة)، في كل كتاب يؤلف، في كل مدرسة تخرج أفواج الناجحين في الحياة، في كل مسجد يعج بمتدينين حقيقيين،في كل شارع نظيف،وفي كل فكر نظيف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق